“الواقع الجديد” السبت 20 نوفمبر 2021م/ متابعات
يترقب الحوثيون، تعاملًا أمريكيًّا شديد الصرامة، بعدما تخطّى إرهاب المليشيات كل الخطوط الحمر ومثّل تهديدًا لأمن المنطقة بأكملها وخلّف أزمة إنسانية.
فبين فرض العقوبات إلى التوجه نحو إعادة تصنيف المليشيات الحوثية تنظيمًا إرهابيًّا مصحوبًا بتعيين الدبلوماسي المخضرم ستيفن فاجن سفيرًا فوق العادة لدى اليمن، شكّلت الولايات المتحدة قناعة راسخة بأنّ الصمت على إرهاب المليشيات سيقود الأمور نحو المزيد من الانهيار غير المحتمل.
واعتاد الحوثيون أن يقتصر التعامل الدولي مع إرهابها بمجرد دعوات لم يكن لها أي تأثير فعلي على الأرض، بعدما تجاهلتها المليشيات، بالنظر إلى تماديها في إثارة أزمات إنسانية مروعة.
إزاء ذلك، حملت الأيام القليلة الماضية بوادر تغييرات ضخمة في التعاطي الأمريكي مع المليشيات الحوثية، سواء فيما يخص فرض عقوبات على قيادات حوثية، أحدثهم المدعو صالح الشاعر المقرب من زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي.
بالتزامن، بدأ الحديث داخل الكونجرس الأمريكي عن التوجّه نحو تصنيف المليشيات الحوثية تنظيمًا إرهابيًّا.
وقالت صحيفة “واشنطن فري بيكون” إنّ الجمهوريين في الكونجرس يعملون لتمهيد الطريق لإعادة تطبيق العقوبات على المليشيات، والتي رفعتها إدارة الرئيس جو بايدن وتصنيفها منظمة إرهابية، وهي خطوة كانت قد اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وهذا الأسبوع، وزَّع السيناتور تيد كروز مقترح العقوبات على أعضاء مجلس الشيوخ، وقدمه رسميًّا كتعديل إضافي على قانون تفويض الدفاع الوطني، والذي من المتوقع أن يتبناه مجلس الشيوخ لاحقًا.
جاء هذا التعديل بعد أشهر من المداولات بين كروز وإدارة بايدن بشأن هذه القضية، بينها محاولة من السيناتور للضغط على وزارة الخارجية لتبرير قرارها بتخفيف العقوبات المفروضة على الحوثيين.
كما تقدم النائب الجمهوري أندرو كلايد في مجلس النواب بتشريع مماثل لإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ردًا على اقتحام السفارة.
التغير الواضح في آليات واستراتيجية التعاطي الأمريكي مع الحوثيين راجعٌ إلى واقعة ربما غيَّرت كل شيء، وهي واقعة الاقتحام الحوثي لمجمع السفارة الأمريكية في صنعاء، حيث سرقت عناصر المليشيات معدات وخطفت موظفين محليين، في واقعة وصفت بأنّها اعتداء على دبلوماسية أكبر دولة في العالم.
ويبدو أنّ واشنطن باتت في موقف محرج أمام المجتمع الدولي وهو ما دعاها للتحرك بشكل عاجل لتضييق الخناق على المليشيات الحوثية في محاولة للضغط على المليشيات في هذا الإطار.
إدارة ترامب كانت قد صنّفت مليشيا الحوثي منظمة إرهابية وكان ذلك في شهر يناير الماضي، لكن إدارة بايدن رفعت اسم المليشيات الحوثي من القائمة في نفس العام، حيث زعمت وزارة الخارجية الأمريكية أن العقوبات تعيق عمليات الإغاثة الإنسانية في اليمن.
هذا التراجع وُصِف في الداخل الأمريكي بأنّه كان مصدر تشجيع لهم ووجّه رسالة إلى إيران مفادها أن زيادة الهجمات الإرهابية لن تواجه رد فعل صارم من الإدارة الأمريكية، إلا أنّ هذه القناعة بدأت في التغير بشكل أو بآخر.
في السابق، كانت المليشيات الحوثية تتبع آلية التصعيد مقابل التصعيد، بمعنى أنّها في كل مرة كانت تعمد فيها إلى واشنطن إلى معاقبة الحوثيين فإنّ المليشيات الإرهابية كانت ترد بتكثيف عملياتها الإرهابية بشكل أو بآخر، بما حمل رسائل تحد للمعارضة الدولية الموجهة ضدها.
لكن هذه المرة قد يبدو المشهد مغايرًا بشكل أو بآخر، فالمليشيات الحوثية باتت على ما يبدو تدرك حجم الغضب الأمريكي وإن كان لا يتم التعبير عنه بالشكل الكبير، بيد أنّ التحركات الأمريكية الأخيرة تنذر بأنّ المرحلة المقبلة لن تكون كما سبقها.