“الواقع الجديد” الخميس 28 أكتوبر 2021م/ متابعات
كشفت مصادر مطلعة في الرياض، أن السعودية رفضت طلباً من الحكومة الشرعية بتقديم وديعة جديدة للبنك المركزي، على الرغم من الدعوات الأممية بضخ عملات أجنبية لوقف الانهيار المستمر للعملة الوطنية.
المصادر أوضحت أن الرد السعودي كان قاطعاً بعدم تقديم أي وديعة جديدة للبنك المركزي، بحُجة أن الحكومة الشرعية لم تقم بالإصلاحات المطلوبة لمنع تكرار ما حدث من تلاعب وفساد بالوديعة السابقة التي قدمتها المملكة، حيث أشارت المصادر إلى أن السفير السعودي محمد آل جابر التقى مؤخراً رئيس الحكومة معين عبدالملك وأكد له موقف بلاده الرافض لتقديم أي وديعة جديدة.
وبحسب المصادر فإن الموقف السعودي جاء على خلفية نتائج تحقيق قامت به لجنة شكلتها السعودية في شهر أغسطس 2019م، وضمت ممثلين عن مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA)، وممثلين عن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، بالإضافة إلى ممثلين عن قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي ومكتب الرئيس عبدربه منصور هادي وإدارة البنك المركزي اليمني في عدن.
وبدأت اللجنة عملها بتقديم توصية بإقالة محافظ البنك المركزي آنذاك، حافظ معياد، وتقديمه للعدالة، بناءً على تقرير قدمه سلفه محمد منصور زمام، وأظهر التلاعب الذي قام به البنك المركزي بقيادة معياد وعمليات الفساد التي طالت الوديعة السعودية والبالغة 2.2 مليار دولار، وهو ما أدى بالفعل لإقالته في 19 سبتمبر 2019م.
وأضافت المصادر أن اللجنة المذكورة استمرت في التحقيق حتى يونيو 2020م، وقدمت للقيادة السعودية النتائج التي توصلت إليها وتوصياتها، والتي جاءت على النحو التالي:
– تورط عدد من المسؤولين في الشرعية بعمليات فساد واسعة، بتغطية ودعم من قائد القوات المشتركة في ذلك الوقت الفريق الركن فهد بن تركي، الذي أقيل في 31 أغسطس 2020م، بأمر ملكي تضمن إحالته للتحقيق بتهمة الفساد المالي وإجراء تعاملات مالية مشبوهة.
– تورط السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر عبر أحد أشقائه، والذي تولى دور التنسيق مع المسؤولين في الشرعية، في عمليات الفساد تلك، والذي اعتقل أيضاً على خلفية قضايا فساد، حيث جاء اعتقاله بالتزامن مع إقالة واعتقال قائد القوات المشتركة.
– عمليات الفساد التي تورط بها المسؤولون السعوديون واليمنيون تنوعت بين عمليات الكسب والإثراء غير المشروع، وعمليات غسيل الأموال في اليمن والسعودية، مع وجود شبهات في تورطهم بعمليات تمويل للإرهاب.
– أوصت اللجنة بإحالة المتهمين بالفساد إلى القضاء، غير أن جهود التسوية بين أطراف الشرعية وقفت عائقاً أمام ذلك.
وبالعودة إلى المصادر، فإنه أثناء جهود السعودية لتشكيل حكومة المناصفة بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، كانت نقطة ضخ وديعة سعودية جديدة لدعم العملة الوطنية ووقف انهيارها حاضرة بقوة، وخضعت لنقاشات وجدل واسع.
وخلال ذلك النقاش كان الطرح السعودي واضحاً، أنه لا يمكن تقديم أي وديعة جديدة بدون إحالة المتهمين إلى القضاء اليمني، وإجراء إصلاحات واسعة في البنك المركزي، منها تشكيل مجلس إدارة جديد وتعيين شركة دولية للتدقيق المالي في البنك، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مشتركة من الجانب اليمني والسعودي لإدارة الوديعة الجديدة.
وبحسب المصادر ذاتها وافقت حكومة الشرعية على إجراء إصلاحات واسعة في البنك المركزي، ومنها تشكيل مجلس إدارة جديد وكذلك تعيين شركة دولية للتدقيق المالي، كما وافقت على تشكيل اللجنة المشتركة لإدارة الوديعة، إلا أنها تنصلت لاحقاً ولم تقم بأي إصلاحات، بالإضافة إلى أن الرئيس هادي واجه معضلة في إحالة المتهمين للقضاء، بسبب الضغوط التي يتعرض لها من أطراف الشرعية التي ينتمي إليها المتهمون بالفساد.
وتوضح المصادر أن السعودية تعمدت التشهير بالشرعية، وقدمت نتائج التحقيق لفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، الذي استفاد منها في التقرير الذي قدمه لمجلس الأمن في يناير من العام الجاري، وكان متطابقاً مع تقرير اللجنة السعودية فيما يتعلق بتورط الشرعية في عمليات غسيل الأموال.
حيث قال إن “الحكومة اليمينة نفذت خطة لتحويل أموال من الوديعة السعودية التي وضعتها المملكة في البنك المركزي اليمني والبالغة 2.2 مليار دولار، مشيرين إلى أنه بموجب هذه الخطة “تم تحويل 423 مليون دولار من الأموال العامة بشكل غير قانوني إلى تجار”.