“الواقع الجديد” الثلاثاء 31 اغسطس 2021 / مقال للعميد ركن/علي ناجي عبيد
صباح يوم الأحد وبعد إنتهاء الفعالية الصباحية للقوة المستهدفة التي سبقت الوقت المحدد بساعة تقريباً تم إستهداف موقعها بثلاثة صواريخ بالستية وطائرتين مسيرتين .
الخسائر تجاوزت المئة بين شهيد وجريح . ولولا تقديم الفعالية الصباحية لكانت أكبر بكثير وكثير جداً ، إذ ستكون في حالة تجمع كاملة .
هكذا حسبت المليشيات الحوثية وجبتها هذه المرة .
لا شك تخطيطها الإجرامي هذا إستفاد من تجربة سابقة إستهدفت نفس المكان وكانت خسائرها قليلة بنظرها التي ذهب ضحيتها شهيدان من كبار القادة وعدد من الصف والجنود. مع عدد من الجرحى من كبار القادة و مختلف الرتب.
فهل إستفادت القوى المستهدفة ( الضحية ) من تلك الجريمة وغيرها في عدن ومارب والساحل الغربي والعبر الخ ؟.
وُجَّه لي محتوى نفس السؤال من قناتي العربية والحدث كان محرجا ، لكن أجبت بكل صراحه عبر عرض مثل إنساني تجده بكل اللغات بصيغ مختلفة مفاده….إن الذي لا يستفيد من أخطاء الآخرين يعتبر غبيا فماذا يقال عن ذلك الذي لا يستفيد من أخطائه ….و أردفتُ هذه جزئية من مسار الحرب وأخطاء إدارتها بشكل عام وقيادة المعركة بشكل خاص . إذ لو إستفدنا من تجارب الآخرين و تجاربنا والأخطاء بشكل خاص لما استمرت الحرب سبع سنوات والحبل على الجرار .
وأضفت الحوثيون استفادوا من جرائم داعش في العراق عندما كان يستهدف مواقع تحشيد المجندين للجيش والأمن العراقيين إستباقا للمواجهة ومن جرائم القاعدة في عدن جراء إستهدافها لمعسكرات المجندين في عدن للجيش والأمن بعد تحريرها من المليشيات الحوثية حتى لا تستتب الأوضاع الأمنية إستغلالا لحالة الإرباك الناجم عن نتائج معركة التحرير .
ها المجرمون يستفيدون من تجارب المجرمين في الداخل والخارج . فلماذا لا يستفيد الضحية !وهي الأكبر والأقوى على الساحة ، التحالف العربي
والشرعية بتشكلاتها المختلفة وكذا المجلس الجنوبي الإنتقالي المشارك في حكومة المناصفة وحراس الجمهورية والمقاومة والقبائل وكل قوى المواجهة .
كررت كثيراً في مقابلاتي التلفزيونية والصحفية وكتاباتي بعد اليأس من الرسميات ، أنه من الواجب الحتمي من وقفات جادة يومية وأسبوعية وشهرية ، فصلية وسنوية وإستثنائية لتحليل نتائج المعركة هنا وهناك والحرب بشكل عام للأخذ بدروسها وعبرها وغيري كثيرون دعوا ويدعون إلى ذلك . لكن لم يُرى أثر لذلك على الواقع ليس الدليل على ذلك رفض تفعيل البحوث والدراسات الإسترتيجية بشكل مطلق فحسب ، بل نتائج الحرب الكارثية في كل مكان إذا ما استثنينا مآثر المقاومة الجنوبية في تحرير الجنوب والساحل الغربي ومعها المقاومة التهامية و حراس الجمهورية بعد انتفاضة ديسمبر وبؤر مقاومة ناجحة هنا وهناك .
ليس العيب أبداً أبداً في بسالة المقاتل في «الجيش الوطني» والقبائل الباسلة فهم بشكل وبكل تأكيد مقاتلون أشاوس ذو بأس شديد ، لا يقل عن بأس وبسالة المقاتل الجنوبي أبداً.
لكن أين يكمن السبب ، المصيبة ؟
هل بفشل القيادة في المركزين ؟
أم أن هناك تعمد بإطالة أمد الحرب لأغراض سوداء على حساب الشعب شماله قبل جنوبه ؟
أم بلادة وإستهتار أيضاً تضافان إلى السببين أعلاه ؟
كثيرون أجابوا في أكثر من مناسبة بأن العوامل تلك كلها مجتمعه مع الأسف الشديد ، وأنا أميل إلى ذلك .
ربما تكون معظم تلك الأسباب داخلية أقول نعم .
لكن ما يخص هذه الجزئية إستهدافات المليشيات الحوثية لعدن وجوارها على إعتبارها عاصمة مؤقتة للشرعية مع تواجد للتحالف ولا تقل عنها أهمية مارب وجوارها .
كيف يمكن حمايتها ؟
إذا ما علمنا أنه مهما كانت الإحتياطات بسرية أعمال ونشاط القوات بمختلفها ، فلن تكفي أبداً .
إذ لا بد من توفير وسائل الإستطلاع والكشف الجوي من الردارات الحديثة وغيرها وكذا وسائل الدفاع الجوي القادرة على إسقاط الصواريخ والطيران المسير بالإضافة إلى وسائل الإتصال التي تضمن السرية . هذا ما يقع بإعتقادي على مسؤولية التحالف في ظل توفر الخبرات المحلية التي لا تحتاج غير دورات تحويلية قصيرة ، أو يقوم بنفس المهمة بقواه ووسائله الخاصة لتفادي الخسائر البشرية الكبيرة ، كونها مسؤولية إنسانية كبيرة قبل أن تكون واجب ومهمة عسكريتين بهدف في غاية الأهمية في الحرب والسلم .
أو تترك المسؤولية على عاتق قيادة الشرعية والإنتقالي وكل قوى المواجهة بشكل معلن لتتحمل مسؤولياتها بهذا الصدد وستجد المخارج الملائمة إن كانت تحس بثقل المسؤولية .
خاصة في ظل إنعدام الآفاق للخروج من الحرب الكارثية بواسطة الحلول السلمية .
في حالة العجز من كل تلك الحلول ، أضع أمام قيادة التحالف سيناريوهين :
..الأول تكرار تجربة الملك فيصل بن عبدالعزيز والرئيس جمال عبدالناصر في لقائهما السريع على هامش قمة السودان العربية 1967م والذي خرج بحل لحرب إستمرت ثمان سنوات بتدخل الطرفين .
..الثاني أن يكرر تحالف دعم الشرعية تجربة التحالف الدولي في أفغانستان مع دراسة متأنية لتجربته وخصائص الوضع الداخلي .
وإلى اللقاء في حلقة قادمة تتحدث عما هو إيجابي بعونه تعالى .