“الواقع الجديد” الاحد 11 يوليو 2021 / متابعات
الأوضاع في محافظات الجنوب بعد الانتفاضة الشعبية في شبوة وحضرموت لن تكون كما كانت قبلها، ما سيكون بعد تاريخ السابع من يوليو 2021 ليس كقبله من تواريخ، لأن الجنوب أثبت أن لديه القدرة على بث الرعب في نفوس قوى الشمال المحتلة، وأدرك العالم أن هناك قوة شعبية لا يمكن تجاهل مطالبها في الجنوب، وتأكدت أطراف دولية مختلفة بأن الأوضاع في محافظات الجنوب ليست كما تروج لها الشرعية الإخوانية عبر أبواقها وأذرعها الدبلوماسية الفاشلة.
هناك مجموعة من الدلائل التي تشير إلى أن الأوضاع لن تكون كسابق عهدها خلال السنوات الأخيرة بالجنوب، على رأسها كثافة الحشود التي انطلقت في مناطق ومحافظات متفرقة غير عابئة بالقوة الغاشمة التي تعاملت فيها الشرعية الإخوانية مع المظاهرات أكدت أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو صاحب الشعبية الأكبر في الجنوب بل إنه القوة المنظمة الوحيدة التي لديها شعبية جارفة في الجنوب، وهو ما سيكون عامل ثقل في تحركات الانتقالي الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة.
الدلالة الثانية أن أبناء الجنوب أنفسهم أدركوا أن لديهم القدرة على مجابهة إرهاب الشرعية وأن حاجز الخوف قد سقط عن كثير من المواطنين الذين تيقنوا من أنه لا مجال للتعامل مع هذا الاحتلال سوى الخروج إلى الشارع للتعبير عن مطالبهم، وأن إجماع فئات مختلفة من مواقع ومناطق عديدة متفرقة على مطلب استعادة دولة الجنوب وإنهاء احتلال الإخوان يعطي إشارات مهمة على أنه لا بديل آخر للحل في الجنوب سوى من خلال الاستجابة لها.
هناك دلالة ثالثة مهمة تتمثل في تعامل المجلس الانتقالي الجنوبي دبلوماسياً مع الهبة الجماهيرية في الجنوب، لأن التحركات الشعبية جاءت بالتزامن مع إعادة هيكلة إدارة الشؤون الخارجية داخل المجلس وتعيين مبعوثين إلى دول غربية فاعلة لتوصيل الصورة الصحيحة عن ما يحدث على الأرض، تحديدا وأن هناك مئات الأدلة والبراهين على ارتكاب الشرعية الإخوانية جرائم ضد الإنسانية بحق المتظاهرين السلميين، وهو ما يُكثف الضغط على سلطة الإخوان من جانب أطراف مختلفة.
تعد تحركات الانتقالي عبر طرح الاعتداءات الغاشمة لمليشيات الشرعية الإخوانية في شبوة على سفراء مجموعة الـ 18 الراعية للعملية السياسية، أول هذه الخطوات التي من المتوقع أن يعقبها تحركات أخرى من جانب ممثلي المجلس في الخارج وكذلك من خلال اللقاءات الدبلوماسية التي يجريها بشكل مستمر أعضاء المجلس مع العديد من سفراء الدول ومبعوثي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
يمكن القول بأن الانتقالي دشن مرحلة جديدة ضمن خطواته نحو استعادة الدولة تمثلت في أن يكون العمل الدبلوماسي والشعبي على رأس تحركاته بعد أن أولى اهتماما خلال السنوات الماضية بالجهود الأمنية التي انتهت بتحرير الجنوب من المليشيات الحوثية وسد كافة المنافذ أمامها لاختراق جبهة الضالع وطرد المجاميع الإرهابية من العاصمة عدن، إلى جانب تحركاته السياسية التي قادت للتوقيع على اتفاق الرياض والاعتراف به دوليا ممثلا للجنوب.
لعل أبرز ما تتسم به المرحلة الجديدة أن فكرة استعادة الدولة تبلورت لدى المواطنين الجنوبيين، وأضحى هناك أسس راسخة من الممكن أن تشكل قاعدة بناء دولة الجنوب، بعكس المراحل الماضية التي تعامل فيها أبناء الجنوب مع هذه الفكرة باعتبارها حلما بعيد المنال، وهو ما يمنح قوة إضافية للتحركات الدبلوماسية التي تنطلق من أرضية صلبة تتمثل في الشعبية الجارفة للانتقالي في الجنوب.