“الواقع الجديد” الأثنين 22 يونيو 2021 / الشرق الأوسط
في الوقت الذي تتوالى فيه ردود الأفعال اليمنية الغاضبة من الزيارات المتكررة للقائد في «الحرس الثوري» الإيراني المنتحل صفة «سفير» في اليمن حسن إيرلو إلى جامعة صنعاء، والتي بلغت وفق أكاديميين أربع زيارات على الأقل في غضون 15 يوماً، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية منحت عناصرها آلاف الشهادات الجامعية نظير ذهابهم للقتال دون أن يلتحقوا بالدراسة.
وبينما تتهم المصادر اليمنية طهران بالسعي للإجهاز على ما تبقى من قطاع التعليم في اليمن عبر تطييفه، تواصل الجماعة الانقلابية توسيع دائرة الفساد في الجامعات اليمنية الحكومية وفي مقدمتها جامعة صنعاء (كبرى الجامعات).
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن ممارسات الجماعة بحق تلك الجامعات شمل بعضها استكمال «حوثنة» ما تبقى من المناصب القيادية والإدارية والفنية عبر مواصلة تعيين موالين لها بمؤهلات (يقرأ ويكتب) بمناصب عدة في كليات وأقسام وإدارات جامعة صنعاء وغيرها، بالإضافة إلى منح آلاف الشهادات لعناصرها دون تلقيهم التعليم.
واتهم أكاديميون الميليشيات في جامعة صنعاء بأنها منحت خلال ثلاثة أعوام ماضية نحو 10 آلاف شهادة لعناصرها بينهم مشرفون وجرحى عائدون من الجبهات لم يلتحقوا في التعليم الجامعي ولا يحملون أي مؤهلات للثانوية العامة.
وقال أكاديميون اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم: «إن الجماعة وفي استغلال لسيطرتها على الجامعة منحت الشهادات الجامعية لأتباعها في تخصصات مختلفة في العلوم الإنسانية والاجتماعية والإدارية والتخصصات العملية وغيرها».
ولفتوا إلى أن الميليشيات سعت من وراء ذلك إلى تعزيز ولائهم الطائفي المطلق لها ولزعيمها وتمكينهم من السيطرة على ما تبقى من المناصب والوظائف في المؤسسات الحكومية من أجل استكمال فرض قبضتها الكاملة على كافة الجهاز الإداري للدولة.
واعتبر الأكاديميون أن الإجراءات الحوثية بحق تلك المؤسسات التعليمية تأتي بالتزامن مع فرض الجماعة سيطرة شبه كاملة على الهيئات الإدارية والأكاديمية بكافة كليات جامعات: صنعاء وإب وذمار وعمران والحديدة وحجة.
وأشاروا إلى أن أغلب أعضاء الهيئات الإدارية والأكاديمية بتلك الجامعات وغيرها هم من قيادات وعناصر الجماعة المؤدلجين طائفياً وهم من يتخذون معظم القرارات ويرسمون التوجهات والسياسات التعليمية لكافة الكليات.
وتواصلاً لتعسفات وجرائم الانقلابيين، التي لا حصر لها، بحق منتسبي قطاع التعليم العالي وذويهم، كشف مصدر أكاديمي بجامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن اتخاذ الميليشيات قبل أيام قراراً يقضي بخصخصة مدرسة آزال التابعة للجامعة وحرمان أبناء الكادر التعليمي والأكاديمي من تلقي التعليم فيها.
وبحسب المصدر، فقد سبق ذلك القرار التعسفي مصادرة الميليشيات لرواتب أعضاء هيئة التدريس بتلك المدرسة.
وأكد أن مدرسة آزال مخصصة منذ أعوام ما قبل الانقلاب لأبناء موظفي وأساتذة جامعة صنعاء كجزء من الخدمات المقدمة من رئاسة الجامعة لأعضاء هيئة التدريس.
وفي الوقت الذي لا يزال يُعاني فيه المئات من الأكاديميين والكوادر العاملة بالجامعات الحكومية بمناطق تحت سيطرة الجماعة بينها جامعة صنعاء من أوضاع اقتصادية ومعيشية مأساوية بسبب مواصلة نهب الميليشيات لمرتباتهم وقمعهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم، يواصل الضابط في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو حسن إيرلو زياراته المتكررة لجامعة صنعاء.
وفي أعقاب آخر زيارة له قبل نحو أسبوعين للجامعة، كشف إيرلو في تصريحات له بثتها وسائل إعلام حوثية عن اعتزام بلاده تطوير المناهج والمواد الدراسية الجامعية. في إشارة منه إلى توجهات طهران نحو تعديل المواد الدراسية الجامعية طائفياً ضمن مساعيها لطمس الهوية اليمنية.
«إيرلو» الذي عده مراقبون المسؤول الأول والحاكم الفعلي للعاصمة المختطفة صنعاء، كشف أيضاً خلال تلك الزيارة التي استقبلته فيها قيادات حوثية موكل لها إدارة شؤون الجامعة، عن بحثه مسألة تطوير المناهج والمواد التدريسية ونقل التجارب الطبية والهندسية والخبرات الإيرانية إلى صنعاء.
وأثارت تلك الزيارة وغيرها من الزيارات السابقة ردود أفعال يمنية غاضبة ومستنكرة. حيث أكد عدد من الناشطين أن زيارة مسؤول عسكري إيراني إلى جامعة صنعاء تشير بوضوح إلى مساعٍ إيرانية مستميتة لتطييف المنهج وتغيير المقررات الدراسية بما يتناسب مع الفكر الطائفي الإيراني، وقالوا: «إن تلك الزيارة تعد خرقاً للسيادة الوطنية واستفزازاً لكل اليمنيين».
وربط بعض الناشطين بين الزيارات المتعددة للحاكم الإيراني إلى جامعة صنعاء وبين ما تشهده حالياً من تصاعد كبير لحجم الانتهاكات الحوثية بحق منتسبي الجامعة ومسلسل الفساد والعبث والنهب المنظم الذي يطال حالياً جميع كلياتها وأقسامها ومرافقها.