“الواقع الجديد” الثلاثاء 23 مارس 2021 / خاص
أعلنت السعودية عن مبادرة أحادية لحل الأزمة اليمنية، في مؤتمر صحافي لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الاثنين، وسارع الحوثيون إلى رفضها في تصريح للناطق باسمهم محمد عبدالسلام.
وتضع المبادرة السعودية الجديدة المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤولية حقيقية، للضغط على الجماعة الحوثية لتقديم تنازلات حقيقية من أجل السلام.
وتتضمن المبادرة السعودية التي أكد وزير الخارجية السعودي بحضور الناطق الرسمي باسم التحالف العربي تركي المالكي والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر أنها لن تدخل حيز التنفيذ قبل موافقة الحوثيين عليها وقفا شاملا لإطلاق النار تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية للسفن والمشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني وفقاً لاتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية.
وبحسب نص المبادرة يلي التوافق على تلك الإجراءات بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة بناءً على مرجعيات قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل في إطار دعم جهود المبعوث الأممي والمبعوث الأميركي لليمن.
وجاءت الخطوة السعودية بعد التشاور مع الإدارة الأميركية والأمم المتحدة، عقب إعلان الحوثيين رفضهم المبادرة الأميركية التي سلم المبعوث الأميركي لليمن تيموثي ليندركينغ نسخة منها للوفد التفاوضي الحوثي في مسقط خلال لقائه بأعضاء الوفد.
وقالت مصادر دبلوماسية سعودية إن المبادرة الأميركية التي تحدث عنها ليندركينغ هي نسخة مطابقة تماما لخطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث المسماة “الإعلان المشترك”.
وأضافت المصادر لـ”العرب” “تأتي المبادرة السعودية التي جاءت بالتوافق مع الخطتين الأميركية والأممية كامتداد للجهود الدولية الضاغطة لوقف الحرب في اليمن”.
وأشارت المصادر إلى أن “الموقف السعودي الذي تضمن الإعلان عن مبادرة أحادية قدم مبادرات جديدة حول نقاط الخلاف الرئيسية المتعلقة بميناء الحديدة ومطار صنعاء ووقف إطلاق النار، وهي المواضيع التي ظل الحوثيون يتعللون بها لرفض المبادرتين الأممية والأميركية، حيث جاء الموقف السعودي أكثر مرونة، وهو ما يضع الحوثيين في زاوية ضيقة بعد استنفاد كل أسباب رفضهم للمبادرات السابقة”.
وتضمنت المبادرة السعودية إشارة إلى احتفاظ الرياض بحقها في حماية أراضيها، وهو ما يؤكد استمرار الحرب، في حال رفض الحوثيون المبادرة الأخيرة التي استجابت للكثير من اشتراطاتهم، كما جاءت بعد يوم واحد من توجيه طيران التحالف العربي ضربة جوية على موقع لتجميع الطائرات المسيرة في صنعاء، في تأكيد على أن التحالف مازال يحتفظ بالكثير من أوراق اللعبة وأنه قادر بعد ست سنوات من الحرب على توجيه ضربات عسكرية مؤلمة للحوثيين.
ومن جانبها رحبت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان صحافي الاثنين، بمبادرة السعودية بشأن وقف إطلاق النار الشامل وفتح مطار صنعاء لعدد من الوجهات واستكمال تنفيذ اتفاق ستوكهولم، ودعم العودة إلى المشاورات السياسية، مشيرة إلى أن هذا الموقف يتطابق مع الموقف الذي عبرت عنه الحكومة اليمنية مع كل نداءات السلام وفي كل محطات التفاوض حرصا منها على التخفيف من المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني.
وذكرت الخارجية اليمنية في بيانها “بأن ميليشيا الحوثي قابلت كل المبادرات السابقة بالتعنت والمماطلة وعملت على إطالة وتعميق الأزمة الإنسانية من خلال رفضها مبادرتنا لفتح مطار صنعاء ونهب المساعدات الإغاثية وسرقة مدخولات ميناء الحديدة المخصصة لتسديد رواتب الموظفين، مقابل تضليلها للمجتمع الدولي بافتعال الأزمات على حساب معاناة اليمنيين”.
وفي مؤشر مبكر على رفض الحوثيين للمبادرة السعودية التي انتزعت آخر أوراق مناوراتهم السياسية، قال الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام في تغريدة على تويتر تعليقا على المبادرة السعودية “أي مواقف أو مبادرات لا تلحظ أن اليمن يتعرض لعدوان وحصار منذ ست سنوات وتفصل الجانب الإنساني عن أي مقايضة عسكرية أو سياسية وترفع الحصار فهي غير جادة ولا جديد فيها”.
وكانت “العرب” قد كشفت في وقت سابق عن شروع الحوثيين خلال الأيام الماضية في وضع قائمة مطالب جديدة، بعد تلقيهم رسائل إيجابية حول اشتراطاتهم التقليدية الثلاثة التي استجابت لها المبادرة السعودية، وهو ما أكد عليه موقف الناطق باسم الحوثيين ورئيس وفدهم التفاوضي عقب المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السعودي.
وتوقعت مصادر سياسية يمنية أن يحرك الحوثيون في الفترة المقبلة ورقة الأجنحة عن طريق توزيع الأدوار والمواقف والتصريحات، بحيث يرحب جناح بالجهود المبذولة لوقف الحرب في حين يصعّد جناح آخر عسكري ويطرح جناح ثالث المزيد من الاشتراطات التي لا يمكن الاستجابة لها.
وكتب الناطق باسم الجماعة الحوثية، الاثنين، تغريدة على تويتر استبق فيها المبادرة السعودية معتبرا أنها استحقاقات طبيعية وألمح لطرح شروط جديدة قائلا “على أعتاب العام السابع نذكر دول العدوان بوجوب إنهاء عدوانها بشكل شامل ورفع الحصار بشكل كامل، وضرورة الفصل بين ما هو حق إنساني كإعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بما لا يكون ذلك خاضعا للابتزاز السياسي والعسكري”.
وفي المقابل يرجح أن تشهد الفترة القادمة تركيز الضغوط الدولية على الحوثيين، بعد أن أعلنت الحكومتان السعودية واليمنية عن موافقتهما على المبادرة الأممية المدعومة من واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي.
وتزامنت المبادرة السعودية لوقف الحرب في اليمن مع وصول منسق الشؤون الإنسانية باليمن ديفيد غريسلي إلى مدينة مأرب التي تتعرض منذ شهور لهجمات حوثية عنيفة تستهدف إسقاط المدينة.
وجاءت التحولات السياسية إزاء المشهد اليمني بعد أيام من دعوة وزارة الخارجية الأميركية الأطراف اليمنية إلى بدء حوار سياسي برعاية الأمم المتحدة، والإعلان عن موافقة الحكومتين السعودية واليمنية على اتفاق وقف إطلاق النار والدخول في تفاوض لإنهاء الصراع. وهو الأمر الذي قابله الحوثيون بتصعيد عسكري غير مسبوق شمل استهداف منشآت نفطية سعودية.
ودعت الخارجية الأميركية في وقت سابق الحوثيين “لإظهار النية بالالتزام بوقف شامل لإطلاق النار في اليمن والدخول في المفاوضات”، غير أن الدعوات الأممية والدولية للجماعة المدعومة من إيران لم تفلح في وقف التصعيد العسكري الحوثي، سواء الهجمات على محافظة مأرب أو الهجمات على الأراضي السعودية باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المفخخة المسيرة.