((الواقع الجديد)) الخميس 17 نوفمبر 2016 / صنعاء
يُقاتل مسلحو الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح كتفاً بكتف منذ أكثر من عام ونصف، لكن تحالف الحرب الداخلية ضد الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته، يعيش صراعاً خفياً على الزعامة، ويسعى كل طرف لتحويل الآخر إلى ظل.
ومنذ اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر من العام 2014، جمعت المصلحة الواحدة هذا التحالف، فبعد أن كان إسقاط الرئيس”هادي” وحكومته هو الهدف الأول، تحولت السعودية إلى”العدو الأول” للجماعتين، والدافع الرئيسي لعدم انفراط العقد، مهما بلغت المناوشات.
وبعد أشهر من إنكار وجود تحالف عسكري أعلنت الجماعتين، مطلع أغسطس الماضي، عن تحالف سياسي يجمعهما علناً لأول مره هو”المجلس السياسي الأعلى”، المشكل بالمناصفة بينهم لإدارة شؤون الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ومقره صنعاء، غير أنه وفي مؤشر على عمق الهوة بين الطرفين، لم يتم الاتفاق على موضوع الرئاسة التي تم الإعلان أنها ستكون دورية بين الحوثيين وحزب صالح.
وخلافا للحرب التي حافظت على وحدة صف الحليفين، بدا أن”السياسة” في طريقها لدهس ذلك، حيث برزت الخلافات بعد تنصل الحوثيين التخلي عن ما يسمى بـ”اللجان الثورية” التي كانت تقوم بمهام إدارة الدولة قبيل تشكيل المجلس السياسي، كما أخفق المجلس السياسي في الإعلان عن تشكيل”حكومة إنقاذ” بعد أكثر من 3 أشهر من التلويح بها.
وخلال 3 جولات من مشاورات السلام التي رعتها الأمم المتحدة، شارك الحوثيون وحزب صالح في وفد تفاوضي موحد يتألف من 14 عضواُ في مقابل 14 للوفد الحكومي، يترأسه ناطق جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، رغم أن حزب صالح كان يرفض منصب النائب ويقول إن المشاورات تتم بين 3 وفود هي” الحكومة، الحوثيين، حزب المؤتمر”.
ووفقا لمصادر خاصة للأناضول، فقد اندلعت شرارة الخلافات السياسية، بعد ذهاب ناطق الحوثيين منفرداً إلى مدينة ظهران الجنوب، لعقد صفقة مع السعودية أثمرت عن تهدئة في الشريط الحدودي لعدة أشهر ونزع للألغام وتبادل للأسرى، وعادت مجددا أثناء قدوم المبعوث الأممي إلى صنعاء في اكتوبر الماضي، حيث تنازل الحوثيون عن شرط لقائه بالمجلس السياسي الأعلى، وهو ما جعل أعضاء في الوفد التفاوضي من حزب صالح، يقاطعون تلك الجلسات، ومنهم الأمين العام المساعد للمؤتمر”ياسر العواضي”الذي لجأ إلى مسقط رأسه في محافظة البيضاء، وسط البلاد.
اتسعت الهوة بين حليفي الحرب أكثر بعد ذهاب ناطق الحوثيين، محمد عبدالسلام، إلى مسقط، مطلع نوفمبر الجاري. أصطحب الرجل البارز في الجماعة خلال زيارته التي رُتبت من قبل العمانيين للقاء وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري ومسؤولين سعوديين، اثنين من أعضاء الوفد الحوثي، فيما تُرك ممثلي حزب صالح في صنعاء.
وفيما كان الشارع اليمني ينتظر موقفا رسميا من الحوثيين حيال ما تم الإعلان عنه من قبل “كيري” والخارجية العمانية، بشأن التفاهمات التي أُبرمت، كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يجتمع بقيادة حزبه بشكل استثنائي، ويرحب بما تم التوقيع عليه، ويوجه الشكر لوزير الخارجية الأمريكي، ولسلطنة عمان.
وقال الموقع الرسمي للمؤتمر، إن أمين عام الحزب وممثله في المفاوضات، عارف الزوكا، تلقى اتصالاً هاتفيا من وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، أبلغه بما تم التوافق عليه، لكن ناطق الحوثيين قال في تصريح لقناة “المسيرة”الحوثية، مساء الأربعاء، إن التوقيع على مبادئ مسقط، تمت مع حزب صالح .
ويتوقع مراقبون، أن تتسع الهوة بين”صالح”و”الحوثي” خلال المرحلة المقبلة، في حال حصل تقدم سياسي على طاولة المشاورات، وتم تشكيل حكومة يكون الحوثيون وصالح جزءا منها، فيما يرى آخرون، أنهما سيكون مضطران لمواصلة تحالفهما.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي اليمني، خالد عبدالهادي، أنه “كلما تقدمت محادثات الحوثيين في مسقط مع قوى إقليمية ودولية، تتوسع الهوة بينهم ومركز”صالح” لأن تلك المحادثات ترسم دوره ومصالحه في المستقبل”.
وقال عبدالهادي في تصريحات للأناضول” صالح يتعامل مع الموقف بتحرك ثنائي الاتجاه: الأول محاولة البقاء في دائرة ما يحدث، لكن بخطوات هامشية بدت متطفلة على طاولة الحوثيين في مسقط، والثاني محاصرة أي خلاف مع الحوثيين من الانتقال إلى قواعدهما بدليل توبيخه القاسي للمؤتمريين الذين ينتقدون سياسات الجماعة الحوثية”.
وأضاف” في تقديري، مايزال لهذين الحليفين مصالح مشتركة تدفعهما للعمل سوية وحتى لو نفدت فإنهما سيكونان مضطرين لمواصلة تحالفهما”.
وطيلة الأشهر الماضية، كانت تنشب حروب كلامية بين الحليفين وخصوصا بين القيادات الصغرى والأنصار، فيما كانت تلجأ القيادات الكبيرة إلى تلطيف الأجواء ودعوة أنصارها لتسليط الضوء على عدوهم الواحد فقط، وترك الخلافات الهامشية.
وقال للأناوضل مصدر مقرب من جماعة الحوثي، طلب عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، إن الخلافات موجودة ولكنها ليس بالحجم الذي يتم تهويله.
وأضاف” تقاسم الحقائب في حكومة الوحدة الوطنية خصوصا وأن حصة الطرفين ستكون محددة، قد تشكل هي الخلاف الأكبر، ومع ذلك، استطاع هذا الحلف الصمود لأكثر من 600 يوم من الحرب بشكل لافت، ولا أتوقع أن تُقدم القيادة على تدمير ما تم بناءه، فالدماء المشتركة التي سالت لن ترحمهم”.
واستفاد الحوثيون، منذ مطلع الحرب، بشكل كبير من تحالفهم مع صالح، فبالإضافة إلى قتال قوات صالح وحلفائه القبليين بجانب الحوثي داخل اليمن وفي الشريط الحدودي، فُتحت لهم مخازن الأسلحة التي كان صالح يحتفظ بها طيلة فترة حكمه الـ33 عاما، وخصوصا الصواريخ الباليستية التي تم تطوير مداها مؤخرا .