الأربعاء , 25 ديسمبر 2024
yem_0.jpg

الكشف عن مباحثات امريكية- حوثية مباشرة في مسقط

“الواقع الجديد” الخميس 4 مارس 2021 / خاص

أحدثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منعطفا حادّا في طريقة معالجتها للملف اليمني، وذلك بإجرائها أول اتّصال مباشر مع جماعة الحوثي والتي كانت مصنّفة منظمة إرهابية من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وقامت الإدارة الجديدة بإلغاء ذلك التصنيف.

وقال مصدران مطّلعان إن مسؤولين أميركيين كبارا عقدوا أول اجتماع مباشر مع مسؤولين من الجماعة المتمرّدة في سلطنة عمان، وذلك في وقت تسعى فيه إدارة بايدن إلى وضع نهاية للحرب اليمنية المستمرة منذ ست سنوات.

واكتست الخطوة جرأة كبيرة كون جماعة الحوثي محسوبة ضمن أذرع إيران في المنطقة والتي تستخدمها طهران في مدّ نفوذها وفي مواجهة حلفاء الولايات ومحاولة هزّ استقرارهم، ومن شأن التواصل معها أن يُفهم باعتباره نوعا من “الاعتراف” بها والتسليم بسيطرتها على مناطق شاسعة من الأراضي اليمنية.

ويذكي التواصل الأميركي مع الحوثيين هواجس الحكومة اليمنية بشأن إمكانية تغيير الأسس التي تراها تلك الحكومة ضرورية لأي مسار سلام قد يتم إطلاقه ومن بينها القرار الأممي 2216 الذي يشدّد على عدم شرعية سيطرة الحوثيين على المناطق ويدعوهم إلى إلقاء السلاح.

وسبقت الإعلانَ عن لقاء المسؤولين الأميركيين مع المسؤولين الحوثيين اتّصالات إقليمية وأميركية متعددّة مع الحكومة العمانية، الأمر الذي اعتبرته مصادر سياسية مؤشّرا على قيام سلطنة عمان بدور في تهيئة الأجواء لإطلاق مسار سياسي لإنهاء الأزمة اليمنية.

واستقبل وزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، الخميس الماضي في العاصمة مسقط، المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ وبحث معه الجهود المبذولة لإنهاء الحرب اليمنية.

وجاء ذلك غداة اتّصال هاتفي جرى بين الوزير العماني ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حول “أهمية دعم كافة الجهود الهادفة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”. كما كانت لوزير خارجية عمان لقاءات في مسقط خلال الفترة القريبة الماضية بنظرائه في كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت.

وترتبط سلطنة عمان بعلاقات جيدة مع طهران التي يعتبرها كثيرون طرفا في الأزمة اليمنية ويصفونها بأنّها المتحكّم الفعلي في قرارات الحوثيين. وتدخلت السلطنة على مدار السنوات الماضية أكثر من مرة كوسيط في أزمة اليمن المشتعلة منذ أكثر من ستّ سنوات.

وعن اللقاء الأميركي الحوثي في مسقط، أضاف المصدران أن المناقشات التي لم يعلن عنها أي طرف جرت في العاصمة العمانية في الـ26 من فبراير الماضي بين المبعوث الأميركي ليندركينغ وكبير المفاوضين الحوثيين محمد عبدالسلام.

وسيطر الحوثيون على صنعاء في عام 2014 كما يسيطرون على معظم المناطق اليمنية المأهولة بالسكّان. ويقاتل تحالف بقيادة السعودية الحوثيين منذ عام 2015 في حرب قتل فيها عشرات الآلاف وتسببت في ما تصفه الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.

ويتفاوض السعوديون والحوثيون تحت رعاية الأمم المتحدة منذ أكثر من عام بهدف التوصل إلى هدنة. وقال أحد المصادر إن اجتماع مسقط كان جزءا من سياسة “العصا والجزرة” التي يتبناها الرئيس الأميركي بايدن الذي أعلن الشهر الماضي وقف دعم بلاده للحملة العسكرية التي تقودها السعودية.

وألغى بايدن أيضا قرارا للرئيس السابق ترامب بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، لكنّ وزارة الخزانة الأميركية فرضت، الثلاثاء، عقوبات جديدة على اثنين من قادة الحوثيين العسكريين، متهمة إياهما بجلب أسلحة من إيران وتنظيم هجمات، بعدما كثفت الحركة الهجمات على السعودية وصعّدت هجوما على مأرب باليمن.

والتقى ليندركينغ مع عبدالسلام في مسقط بعد اجتماعه مع مسؤولين من السعودية والأمم المتحدة في الرياض. كما زار الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر خلال جولته بالمنطقة.

وذكر المصدران أن ليندركينغ طالب الحوثيين بوقف هجوم مأرب وشجّع الحركة على الدخول بجدية في محادثات مع الرياض بشأن وقف إطلاق النار.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن ليندركينغ يعقد اجتماعات مع مسؤولين حكوميين كبار في المنطقة والتقى خلال جولته مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيث. وأضاف المتحدث قوله لوكالة رويترز “لن نصدر تعليقات على كل مناقشاته”.

وتسعى السعودية في محادثات وقف إطلاق النار إلى الحصول على ضمانات بشأن أمن الحدود وكبح نفوذ إيران. وقال المصدران إن مستوى التمثيل السعودي في المحادثات الافتراضية ارتفع في الآونة الأخيرة إذ أن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر يتحدث حاليا مع عبدالسلام.

وقال مصدر ثان إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فستتم إحالته إلى مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث للتجهيز لإطلاق محادثات سلام أوسع نطاقا تشمل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا التي تدعمها السعودية والمتمركزة حاليا في عدن.

وتحول تركيز الحرب في اليمن مؤخّرا صوب منطقة مأرب المنتجة للغاز حيث قُتل المئات في هجوم للحوثيين في أشد المعارك فتكا منذ عام 2018. وتحدثت تقارير، الأربعاء، عن اشتباكات عنيفة حول مأرب ومدينة تعز التي تدور حولها أيضا معارك شرسة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.