“الواقع الجديد” السبت 5 ديسمبر 2020 / متابعات
دخلت حرب اليمنيين ضد ذراع إيران عامها السادس، مترافقة مع فشل إداري واقتصادي كامل للشرعية التي تعيد أطرافها حروباً خاصة ضد المناطق المحررة، وصلف حوثي يتجاهل كل متطلبات الحياة وحاجات الناس تحت سلطته. كل ذلك قاد اليمن إلى أزمة إنسانية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة، ارتفعت فيه أسعار السلع الغذائية إلى 140٪ حسب إحصائية منظمة الفاو العالمية. في المحافظات تحت سيطرة الشرعية انهار الريال اليمني بشكل كبير وغير مسبوق خلال الأيام الماضية في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب المحرر، حتى اقترب سعر صرف الدولار الأمريكي من حاجز الـ900 ريال يمني، والريال السعودي بلغ أكثر من 235 ريالاً.
وكان الإجراء الحكومي الوحيد الذي اتخدته شرعية الرئيس هادي، هو قرار عبر البنك المركزي في عدن بإغلاق كافة شركات ومنشآت الصرافة في عدن، ومنع بيع وشراء العملات من يوم الخميس وحتى إشعار آخر. وانتقدت شركات الصرافة قرارات إغلاقها، وقالت إن شبكات تحويل الأموال الجنوبية مرخصة من البنك المركزي بعدن، وطرحت ضمان 100 مليون لكل شبكة و100 مليون لكل شركة صرافة، ولدى البنك المركزي نقطة رئيسية في كل شبكة للمراقبة والتفتيش، وهي مطبقة للمعايير الدولية، وتوافي البنك المركزي بكل البيانات يومياً، ولدى البنك نقطة في كل نظام رئيسي للشبكات، يراقب ويفتش ومعه كل الصلاحيات. وقالت إن البنك المركزي بعدن لا يفتش ولا يراقب، وكأنه مستعد للرحيل، ولا يهتم بالقطاع المصرفي، وترك البنوك وشركات الصرافة في الشمال بدون اتخاذ أي إجراءات وهي لم تدفع له ضمانات ولا مكنته من مراقبتها.
بالمقابل يواصل الحوثي، سياسة الفصل بين المناطق تحت سيطرته وبقية المناطق المحررة، ليس عسكريا، بل اقتصاديا واداريا، ورغم انه يفرض سيطرة على مراكز البنوك والسوق المالية من صرافة وغيرها تحت سلطته في صنعاء، مقترضا منها ما يقارب 161 مليار ريال خلال الـ10 الأشهر الماضية، فإنه يفرض فصلا بين العملة التي طبعتها الحكومة المركزية قبل سيطرته والعملة التي تطبعها بعد انقلابه عليها وهروبها الى عدن ومن ثم إلى السعودية. وفقدت الطبعة الجديدة نحو ثلث قيمتها أمام الطبعات القديمة للريال، واتساع الفجوة بين الطبعتين بين صنعاء الحوثي التي تتعامل مع الطبعة القديمة، وعدن العاصمة التي تتعامل مع الطبعات الجديدة عقب سحب القديمة منها.
يتجاهل مركزي عدن حلول لم الشمل بين مصارف وبنوك صنعاء وبنك عدن، حيث لا يزال يشدد الخناق عليهم بشروطه، وساهمت تعسفاته في توسع هفوة الثقة المفقودة بين البنوك المحلية والبنك المركزي. وأكدت مصادر في وقت سابق لـ”نيوزيمن”، أن “شركات صرافة وبنوكاً كبرى، مستعدة من وقت مبكر للانتقال إلى عدن” لكنهم “ظلوا يَرقبون أداء مركزي عدن، الذي خيب آمالهم”.
ويؤكد ماليون لـ”نيوزيمن” أن ضعف وفساد وسوء إدارة البنك المركزي اليمني بعدن، مكن ميليشيا الحوثي الانقلابية، من التنمر على البنوك في العاصمة صنعاء ونهبها، وابتزاز أصحابها، حيث إن الذراع الإيرانية تتدخل في أعمال البنوك وشركات الصرافة، ولا تقيم وزناً لأي اعتبارات إدارية وقانونية في سوق المال والأعمال، ويمكن لها أن تصادر ملك هذا وتعتقل ذلك وتحدث ضرائب وإتاوات جديدة، بل وتدخل الحسابات المالية فتمنع هذه العملية أو تقوم بتلك أياً كانت الشروط القانونية.
خبراء اقتصاد ومحللون ماليون قللوا من أهمية خطوة إغلاق محلات وشركات الصرافة وأثرها في تخفيض أسعار صرف العملات، نظراً لظروف اقتصادية وسياسية بحتة، لا سيما مع استمرار انقسام البلد بين سياستين ماليتين ونقديتين بين بنكين مركزيين في كل من عدن وصنعاء.
كما يرى الخبراء أن استمرار محافظات نفطية وغازية محررة، كحافظة مأرب تحت سلطة الإخوان، لا تورد إيراداتها السيادية إلى مركزي عدن، واحتكارها في بنوك خارجية وحسابات فردية، أحد أهم أسباب ذلك الانهيار المتسارع للريال، الذي يفتقر بنكه المركزي لغطاء واحتياطيات من النقد الأجنبي، خاصة مع نفاد الوديعة السعودية الممنوحة لليمن قبل ثلاثة أعوام تقريبا ًوالمقدرة بنحو 2 مليار دولار.