الأربعاء , 6 نوفمبر 2024
1605181496.jpeg

لغم زرعته مليشيات الحوثي يودي بحياة منصور وعائلته تدخل في خِضَم المجاعة

“الواقع الجديد” الخميس 12 نوفمبر  2020 / خاص

غرفة واحدة وضيقة، بميسور أيما عابر سبيل في أيما ساعة من ساعات اليوم أن يفتح بابها الذي يعوزه قفل بمجرد دفعة دفعًا رقيقًا، لكنه لن يجد فيها سوى بضعة كراسي خشبية على هيئة سرر، يكاد أصحابها يتمنوا لو أنها متوشحة بالفرش؛ كي ينعمو براحة النوم على أقل تقدير، فالحبال المصنوعة من سعف النخيل التي تآزر الكراسي قد نقشت علامات على ظهر كل من امتد عليها، والقطع القماشية المهترئة التي تتوسد فوقها هي الحسنة الوحيدة التي تزينها.

وفي إحدى زوايا الغرفة صندوق بلاستيكي يحمل حافظتين للماء وعلبة معدنية تستخدم بدلًا عن الكوب، وفي النافذة القريبة توجد مرآة مشروخة، أما النافذة المجاورة لها فقد علق عليها كيسان أحدهما بداخله المصحف وقد وضع في الأعلى والآخر بعض الأوراق التي لا قيمة لها وقد وضع بالأسفل، وفي النافذة نفسها رُبط حبل إلى نافذة أُخرى؛ كان فيها – أيضًا – كيسان للبهارت، وتقع في الجدار المجاور؛ لتعليق سجادة وثوب الصلاة يستمون منهما القوة، وقليل من الملابس القديمة.

أما سطح الغرفة فهو مكشوف لمياه الأمطار وغبار الرياح؛ والواقع أن السطح عبارة أعواد من الأشجار اليابسة، عليها غطاء من مشمع طربال أزرق مليئ بالثقوب، وتعد هذه الغرفة هي غرفة النوم، والمطبخ والمصلى. هذا كل ما تملكه عائلة المواطن (منصور ناجي عبد الله مكيلد)؛ الذي غادر الحياة في اليوم السادس من شهر رمضان لعام:2018م، وهو من سكان قرى الحيمة التابعة لمديرية التحيتا جنوبي، إثر انفجار لغم زَرَعة عناصر الحوثيين، في أثناء ذهابه للعمل على متن درجته؛ التي يتخذها مصدر دخل لتوفير مصاريف زوجته وأطفاله الخمسة.

ومنذ استشهاد منصور، أصبحت عائلته تنام جائعة وتستيقظ دون أن تجد ما تاكله، وتذهب الأم الأرملة المسنّة قاصده طلب الرزق الحلال بصنيع يديها، ثم تعود إلى أطفالها وهم لا يحدوهم الفضول بمعرفة ما لا يكفي أن يشبع رمق جوعها هي وحدها. تقول حنان؛ وهي أكبر أبناء الشهيد منصور: إن والدها استُشهد بلغم من مليشيات الحوثي؛ إذ جاءوا به في إحدى ليلي شهر رمضان جثة هامدة!

وتضيف، مننا خمسة أطفال لا حول لنا ولا قوة، ولا أحد يصرف علينا، ثم أخذت أحد الحبال وواصلت حديثها: أمي تصنع هذا الحبل وتبيعه بخمس مائة ريال.

من جانب حنان، تقول والدتها نعمة حسن عبدالله: إن زوجها استشهد قبل عامين، في ميناء الخوخة، عند عودته من مديرية الخوخة، ولم تلبث في إكمال الحديث حتى تطاطئ رأسها قهرًا، وانهارت بالبكاء. بمجرد سماع نبرة حنان ووالدتها المكلومة تخنقك العبرات، ويأسرك الحزن العميق للحالة المأساوية التي يعيشون فيها.

ولم يعد لدى العائلة ما يعملون به لقوت يومهم، سوى الحبال التي تصنعها الأم (نعمة)، من سعف النخيل، مقابل أجر لا يتعدى واحد دولار، الأمر الذي يهدد حياة العائلة ما لم تتدخل المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات لانتشالهم من خِضَم المجاعة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.