“الواقع الجديد” الاثنين 24 اغسطس 2020 / د.عيدروس نصر ناصر
في ظل اللادولة تتنامى جميع الظواهر الشاذة والغريبة والخارجة عن العرف والمألوف وعن القانون بطبيعة الحال، ومن ضمن هذه الظواهر ظاهرة البسط على الأرضي والسطو على الممتلكات العامة والخاصة ومن ثم الاتجار بها أو البناء العشوائي عليها.
إننا نتحدث عما تعانيه مدينة عدن وضواحيها من أعمال اعتداء وبسط واستحواذ على الأراضي وصل إلى بعض المواقع الأثرية والتاريخية وبعض المعالم الطبيعية التي يعتبر التعدي عليها إضراراً بتاريخها ورمزيتها وبقيمتها البيئية والطبيعية والجمالية.
ومن نافلة القول أن ظاهرة البسط والعشوائية قد بدأت صبيحة 8/7/1994م حيما دشن المنتصرون عملية السطو والاستحواذ على كل شيء في الجنوب من المعالم والممتلكات والمؤسسات الانتاجية والخدمية إلى المنشآت والمواقع الخاصة والعامة ولم تتوقف هذه العملية منذ ذلك اليوم، وما تبقى من ممارسات ليست سوى صدىً لعملية النهب الكبيرة التي جرت على مدى ربع قرنٍ ونيف وبطريقةٍ ممنهجة وممأسسة ومسيسة، بيد إن كل هذا لا يعفينا من إدانة كل ما تشهده عدن على مدى السنوات الأخيرة من بسط وبناء عشوائي واستيلاء على ما تبقى من المواقع والمساحات وحتى المخططات الإنشائية والمتنفسات التي كان قد جرى رسمها منذ ما قبل العام 1990م ومنها مواقع الجمعيات السكنية المهنية وما شابهها.
البسط والسطو والاستحواذ عمليات مرفوضة ومدانة سواء كان من يمارسها شخصاً نافذاً أو صاحب مالٍ وجاه أو مواطناً عاديا، وقد ظلت هذه العملية منتشرة حتى العام 2015م لكن هذه الظاهرة لم تتوقف بعد اندحار التحالف الانقلابي، وسيطرة الشرعية وأنصارها على العاصمة عدن وضواحيها وبقية عواصم محافظات الجنوب، وإذا كان البسط المرتبط بالغزو والاجتياح مداناً مرةً واحدةً فإنه يجب أن يكون مداناً مراتٍ ومراتٍ إذا ما كان من يمارسه ممن يتلبسون لباس الثورية والجندية والمقاومة.
البسط والنهب والبناء العشوائي يجب أن يتوقف كليةً، ولكي يتوقف لا بد من تفعيل المؤسسات المعنية بإعمال القانون وإرساء النظام، وردع المستهترين ومروجي الفوضى، وكل من يمارس الاستقواء والتنمر في سبيل قهر الآخرين والاستحواذ على حقوقهم، بما في ذلك الاستحواذ على ممتلكات الدولة.
إنه واحدٌ من التحديات الكبيرة التي تنتصب أمام محافظ عدن ومدير أمنها الجديدين، فإذا ما وقفا بحزمٍ وصرامة أمام من يمارسون هذا السلوك أو من مارسوه في الماضي فإن كل الشعب سيقف معهما ولن يتضرر من موقفهما هذا سوى أصحاب هذا السلوك الممقوت والمزدرى من غالبية المواطنين.
وبالمقابل فإن الدعوة موجهة لجميع المواطنين والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والتجمعات النقابية والمهنية والقطاعيةكل الناشطين الاجتماعيين والصحفيين وذوي الرأي وبناة الوعي للوقوف بجانب أية إجراءات تستهدف إزالة التشويها التي ألحقت بمدينة عدن الجميلة والإبقاء عليها مدينة منفتحة على النمو والازدهار والاستثمار ومواكبة التطور المرتقب خلال المراحل القادمة.
لتبق عدن مدينةً للسلام والنظام والقانون والحياة المؤسسية وموطناً للجمال والتعايش والانفتاح والنمو والازدهار.