((الواقع الجديد)) الثلاثاء 28 إبريل 2020م / متابعات
أنهى قرار المجلس الانتقالي الجنوبي إعلان الإدارة الذاتية لمحافظات الجنوب التوافق المغشوش بين مكونات “الشرعية” اليمنية، ووضع الحكومة والقوى المسيطرة عليها، وخاصة حزب الإصلاح الإخواني، أمام اختبار جدي لتنفيذ اتفاق الرياض، وتحمّل مسؤولية التطورات السياسية والعسكرية في حال فشله.
ووصف الناطق الرسمي باسم المجلس نزار هيثم ردود الفعل الإقليمية والدولية على إجراءات المجلس الانتقالي الأخيرة التي تضمّنت إعلان حالة الطوارئ وإخضاع المحافظات الجنوبية للإدارة الذاتية، بأنها بمثابة صفعة قوية لجماعة الإخوان المسلمين وكل الأطراف التي سعت لتصوير قرار المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه انقلاب.
وقال هيثم في تصريح لـ”العرب” تعليقا على البيان الصادر عن التحالف العربي، إن المجلس الانتقالي يثمّن جهود التحالف، ويساند دعوتهم المستمرة لعودة الطرفين الرئيسيين الموقعين على اتفاق الرياض لطاولة التفاوض، مشدّدا على أنّ قرار المجلس بإعلان حالة الطوارئ وتولّي الإدارة الذاتية جاء نتيجة الحرص الشديد على أولوية رفع المعاناة عن “شعب الجنوب المظلوم”.
وأكد ناطق الانتقالي على تعاطي المجلس بإيجابية مع كل المبادرات السلمية ودعوات التحالف العربي وكذا المبعوث الدولي لإيجاد حلّ سياسي شامل يكفل للجنوب حقّه بالمشاركة السياسية، في الوقت الذي تتعمّد فيه “الشرعية” المماطلة لتنفيذ بنود الاتفاق ورفض تشكيل حكومة كفاءات بالمناصفة واستمرارها بالتأجيج الإعلامي والتحشيد العسكري ضد الجنوب وتسليمها الشمال للحوثي.
وأعلن المجلس ليل السبت الأحد “الإدارة الذاتية للجنوب”، متّهما الحكومة “باستمرار الصلف والتعنّت في القيام بواجباتها” بالإضافة إلى “تلكّؤها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض”.
كما تمّ وضع حراسات أمنية على كافة المرافق الحكومية منها البنك المركزي اليمني وميناء عدن. ونشر رئيس الجمعية الوطنية في المجلس الانتقالي اللواء أحمد سعيد بن بريك صورة له من داخل مكتب محافظ عدن بعد تأمينه، في رسالة على جديّة المجلس الجنوبي في جعل الوضع الجديد كأمر واقع.
وقالت أوساط يمنية إن تطورات عدن، وخاصة تمسك الجنوبيين بفرض خيار الإدارة الذاتية لوقف الاستهانة باتفاق الرياض سيسلط الأضواء على نفوذ الأجندات الخارجية داخل الحكومة اليمنية ودورها في تخريب مختلف التفاهمات.
ولوّح وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي بتحميل الانتقالي والتحالف مسؤولية انهيار عملية السلام في اليمن.
وقال الحضرمي في سلسلة تغريدات على الحساب الرسمي للخارجية اليمنية على تويتر “بعد بيان التحالف بشأن إعلان المجلس الانتقالي، على الانتقالي الآن ودون تأخير إلغاء بيانهم المتهوّر والرّجوع إلى جادة الصواب وتنفيذ اتفاق الرياض والمصفوفة المزمّنة التابعة له (وإلا) فسيتحمل هو وداعموه مسؤولية ليس فقط تقويض اتفاق الرياض بل أيضا تقويض عملية السلام في اليمن”.
ونوّه الحضرمي بأن الحكومة سعت “بكل جد إلى تنفيذ كل مقتضيات اتفاق الرياض وقامت بتنفيذ ما عليها في المصفوفة المزمنة التابعة له مقابل تعنت تام من قبل المجلس الانتقالي. وما إعلانه لما أسماه “الإدارة الذاتية للجنوب” إلا إصرار على نسف جهود تنفيذ اتفاق الرياض وإعلان واضح برفض مقتضياته”.
وأصدر التحالف العربي بقيادة السعودية بيانا، فجر الاثنين عبّر فيه عن ضرورة عودة الأوضاع إلى سابق وضعها في العاصمة المؤقتة عدن إثر ما وصفه “الإعلان المستغرب من المجلس الانتقالي لحالة الطوارئ”، “وما ترتب عليه من تطورات للأحداث في عدن وبعض المحافظات الجنوبية”.
وجدد بيان التحالف على أن “المسؤولية تقع على الأطراف الموقعة على الاتفاق لاتخاذ خطوات وطنية واضحة باتجاه تنفيذ بنوده التي اتفق عليها في إطار مصفوفة تنفيذ الاتفاق المزمّنة الموقّع عليها من الطرفين”، كما طالب “بوقف أيّ نشاطات أو تحركات تصعيدية” والعودة لاستكمال “تنفيذ الاتفاق فوراً ودون تأخير”.
واعتبر مراقبون أن بيان التحالف تأكيد على اعتزام دول التحالف العربي الدفع قدما باتجاه تنفيذ بنود اتفاق الرياض، وعدم التساهل مع الطرف المعرقل.
وقال الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي في تغريدة على تويتر إن بلاده “تدعو طرفي الاتفاق إلى سرعة عودة ممثليهم في اللجان وفرق العمل وغرف العمليات المشتركة تحت إشراف التحالف لتسريع تنفيذ الاتفاق من أجل المواطن اليمني التي تعلو مصلحته فوق كل المصالح الأخرى”.
من جهته، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إن بيان تحالف دعم الشرعية “يأتي من حرص واضح على اليمن وعلى اتفاق الرياض والذي يمثل تطبيقه كاملا أساسا للعمل السياسي في المرحلة القادمة، الإحباط من التأخر في تطبيق الاتفاق لا يجب أن يكون سببا لتغيير الأوضاع من طرف واحد وثقتنا في حرص السعودية الشقيقة على تطبيق اتفاق الرياض مطلقة.”
وعبّر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن قلقه بسبب الإعلان الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي. وقال غريفيث في بيان صحافي، الاثنين “إن تحول الأحداث الأخير مخيّب للآمال خاصة وأن مدينة عدن ومناطق أخرى في الجنوب لم تتعاف بعد من السيول الأخيرة وتواجه خطر جائحة كوفيد – 19.”
ورجح مراقبون وباحثون يمنيون أن يؤدي التصعيد الأخير في المشهد اليمني إلى محاصرة الأطراف المعرقلة لاتفاق الرياض، وتزايد الضغوطات الإقليمية والدولية للشروع بتنفيذه وخصوصا في جانب الحكومة الشرعية.
واعتبر الباحث والمحلل السياسي اليمني منصور صالح في تصريح لـ”العرب” أن ردود الفعل تجاه الإجراءات المتخذة من جهة المجلس الانتقالي اتسمت بالإيجابية، وعززت من مطالب الشارع الجنوبي الذي رحّب بتلك الاجراءات واعتبر أنها تسير في إطار تحقيق أهدافه وإن جاءت متأخرة.
ولفت صالح إلى أن إجراءات المجلس الانتقالي الأخيرة مثلت استشعاراً بمعاناة الناس وتدهور معيشتهم في ظل فساد وغياب “الحكومة”، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي تلقى بيانات تأييد واسعة من مختلف القطاعات الشعبية والمؤسسات المدنية والعسكرية والاتحادات والمنظمات المهنية والإبداعية بالإضافة إلى المؤسسة العسكرية والأمنية، وكلها باركت هذه الخطوات.
وقال صالح إن الشرعية في موقف صعب عسكريا وشعبيا، ولم تعد تملك سوى شرعية الاعتراف الدولي بها، وقدرتها تنحصر في خلط الأوراق سياسيا بالاستفادة من الدعم الدولي لها وهو دعم بدأ بالتلاشي والتراجع بشكل ملحوظ، وبالنسبة إلى الجنوب، وتحديدا محافظات عدن ولحج وأبين وسقطرى، لا تملك الشرعية سوى الضجيج الإعلامي، أو الدفع بخلايا إرهابية أو فوضوية للتعطيل كما يجري من استهداف لخدمة التيار الكهربائي بهدف خلق المتاعب للناس ودفعهم للخروج ضد المجلس، عدا ذلك لا تملك شيئا”.