“الواقع الجديد ” الأربعاء 26 فبراير 2020 م /خاص
أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قرارًا جمهوريًا، أمس الأول الأحد، بتعيين محمد علي ياسر محافظا لمحافظة المهرة الجنوبية خلفا للشيخ راجح باكريت.
القرار أثار سخطا وغضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في الشارع الجنوبي الذي يراه قرارا إخوانيا خصوصاً وأنه جاء بعد حملة إعلامية إخوانية منظمة قادها مستشار وزارة الإعلام مختار الرحبي قبل أيام أثناء وجوده في محافظة المهرة التقى من خلالها بالشيخ الحريزي، الشيخ الموالي لجماعة الحوثيين المدعومة من إيران.
محللون وسياسيون جنوبيون قالوا إن إقالة الشيخ باكريت في هذا التوقيت يعد استفزازا واضحا من قبل الشرعية للشعب الجنوبي والمجلس الانتقالي الجنوبي ومحاولة لنسف اتفاق الرياض الذي تنص بنوده على أن اختيار المحافظين للمحافظات الجنوبية يأتي بالتشاور مع المجلس الانتقالي الجنوبي قبل صدوره، ولكن الشرعية انقلبت على البند وأصدرت قرارًا دون التشاور مع الانتقالي وهو تجاوز خطير وقد يشهد تصعيدا عسكريا بين الطرفين.
أسباب إقالة باكريت
وبحسب مصادر رفيعة كشفت أسباب تغيير الشيخ باكريت الذي يعتبر أحد رجال الشرعية اليمنية في الجنوب والشخصية المقربة من المملكة العربية السعودية.
وقالت المصادر أن “باكريت كان يتمتع بعلاقة طيبة مع الرئيس عبدربه منصور هادي وتبناه ناصر – نجل الرئيس هادي – قبل تعيينه محافظا للمهرة”.
وأضافت المصادر لـ”الأمناء” بأنه “كانت توجد ملاحظات من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات على الشيخ باكريت قبل تعيينه إلا أن هادي نجح في إقناع السعودية به وأصدر قرارًا بتعيينه محافظًا للمحافظة قبل أكثر من عامين”.
وتابعت: “الشيخ باكريت بعد تعيينه محافظا للمهرة تقرب بشكل كبير من المملكة العربية السعودية حتى أصبحت العلاقة قوية تمكن من خلالها تجاوز الرئيس هادي في أمور كثيرة فيما يخص محافظة المهرة، الأمر الذي أزعج هادي ونائبه وحاول هادي مرارا وتكرارا تغييره لكن السعودية رفضت كل المحاولات”.
واستطردت: “استغلت الشرعية الحراك الشعبي في المهرة المدعوم من عمان وقطر وحرضت على المحافظ إعلامياً عبر شخصيات إخوانية تعمل لصالحها ونشرت ملفات فساد ضد الشيخ باكريت والهدف من ذلك تأجيج الوضع في المحافظة لتمرير أهدافها”.
وأكملت: “كل أحداث المهرة مصطنعة مولتها قطر وعمان عبر شخصيات داخل الحكومة الشرعية تعمل بشكل واضح خدمة للمشروع الإخواني والإيراني في المحافظة، هذه الأحداث أثرت بشكل كبير على العلاقات العمانية السعودية واعتبرتها عمان خطرا على أمنها القومي. وبعد سيطرة المملكة على المنفذ اتفقت المملكة العربية السعودية مع عمان على تغيير المحافظ وسحب الشخصيات المحسوبة على عمان التي تتحرك بدعم عماني غير معلن حفاظا على العلاقة السعودية العمانية، وأثمرت الاجتماعات بين المملكة العربية السعودية وعمان على تغيير الشيخ راجح باكريت محافظ المحافظة وتعيين شخصية أخرى تختارها المملكة”.
واختتمت المصادر حديثها بالقول: “قامت السعودية باختيار محمد علي ياسر محافظا للمحافظة وهو شخصية تحظى باحترام الجميع في المهرة وعلاقة ممتازة مع العمانيين”.
إقالة باكريت.. استفزاز للانتقالي
ووصف السياسي الجنوبي عبدالسلام عاطف جابر قرار تعيين محافظ للمهرة دون التشاور بالقرار مع الانتقالي استفزاز للمجلس الانتقالي .
وأوضح جابر عبر (تويتر): “بأن تعيين محافظ للمهرة دون تشاور استفزاز للانتقالي وتصعيد للتوتر”.
وقال جابر إن على قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الاتصال بالقيادات “مقاومة وجيش” الذين لم يضمهم إلى تشكيلاته وإطلاعهم على الوضع حتى يساندونه ولا يكونوا خارج المشهد”.
وعلق أحمد عمر بن فريد على قرار هادي حيث قال: “الرئيس هادي يبرهن كل يوم بأنه مرتهن بالمطلق لنائبه علي محسن الأحمر، مؤكدا أنه ينظر بأقل درجة احترام للجنوب وشعبه وقضيته”.
وأضاف بن فريد: “مثل هذا القرار الأهوج يتأكد كل ذلك، وبمثل هذا القرار الأرعن نتأكد بأن هادي ليس إلا خاتم ثمين بيد نائبه وأنه رجل جُبل على الحقد والكراهية والخنوع وأنه غير مؤهل أصلا”.
ماذا تعني إقالة باكريت للانتقالي؟
ويعتبر موقف الشيخ راجح باكريت من القضية الجنوبية والمجلس الانتقالي واضحًا، وقد أعلن أكثر من مرة أنه مع مشروع الرئيس هادي وحزب الإصلاح المتمثل بالأقاليم الستة “اليمن الاتحادي”.
وبيّن نائب رئيس المجلس الانتقالي، هاني بن بريك، موقف الانتقالي من القرار قائلا: “إن قرار إقالة باكريت الذي يعنينا منها هو مخالفة اتفاق الرياض لا غير، أما سعادة الأخ باكريت لم يكن يوما مع الجنوب ولا مع شعبه فلا يعنينا تغييره إلا من جهة مخالفة اتفاق الرياض”.
وأضاف بن بريك: “فلا تذهبوا بعيدًا فكل من خذل قضية الجنوب وشعب الجنوب لن يكون بطلا”. مختتما بالقول: “الشرعية تخالف اتفاق الرياض”.
بدوره، قال نائب دائرة الإعلام للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح: “شخص المحافظ الجديد لمحافظة المهرة الأستاذ محمد علي ياسر لا خلاف عليها، وربما كان الرجل بما يتميز به حسن سيرة خياراً مرغوباً لأهلنا في محافظة المهرة، أكثر من سابقه”.
وأكد صالح أن: “المحافظ ياسر ينتمي لأسرة أصيلة لها ثقلها وتأثيرها ومواقفها الوطنية، نأمل أن تكون مواقفه القادمة في مصلحة محافظته ووطنه الجنوب، وهو ما نراهن عليه”.
وأضاف صالح أن “الخلاف والاعتراض في هذا الأمر حول استمرار تجاوز ما تسمى بالشرعية لمضمون اتفاق الرياض وحرصها على إفشاله ليقينها أن تنفيذه يعني نهايتها المحتومة”.
إلى أين يمضي اتفاق الرياض؟
وشكل هذا القرار إنهاء بوادر الأمل لتنفيذ اتفاق الرياض بين الشرعية والانتقالي والذي يعاني هذا الاتفاق منذ إعلانه من خروقات متواصلة من قبل حزب الإصلاح المهيمن على القرار العسكري في منظومة الشرعية.
مراقبون قالوا إن الواقع على الأرض يؤكد عجز المملكة حتى الآن عن القيام بدورها كراعي وضامن للاتفاق خصوصاً وأن الطرف المعرقل لم يتوقف عن خرق ونسف الاتفاق الذي يمارسها بشكل يومي.
وأعرب المراقبون عن قلقهم إزاء ما تقوم به اللجان السعودية المشرفة على تنفيذ اتفاق الرياض التي لم تحقق أي تقدم في الاتفاق ولا يزالون يمارسون سياسة سابقة دأبوا على ممارستها مما يهدد الاتفاق بالفشل.
الانتقالي وبعد استفزازات الشرعية المتواصلة ورفضها تنفيذ بنود الاتفاق التي عليها، قام رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي باستدعاء رئيس الوفد المفاوض في الرياض الدكتور ناصر الخبجي للتشاور فيما أنجز وما سيتم مناقشته مستقبلاً.
وتشير مصادر إلى أن الاستفزازات التي تقوم بها ما تسمى بالشرعية ضد الجنوبيين في شبوة وأجزاء من أبين قد تجبر المجلس على إعلان فشل الاتفاق بشكل نهائي في لحظة إذا استمر الأشقاء في المملكة في صمتهم تجاه عبث الإخوان.