((الواقع الجديد)) السبت 20 يناير 2018
خالد القشطيني
كان الشاعر المصري محمود غنيم من شعراء العصر الحديث الذين ولعوا بالسخرية والنقد الاجتماعي، وله مداعبات وإخوانيات في منتهى الخفة والبداعة، ومنها ما قاله في التهكم على صديقه محمد الأسمر الذي عرف بضيق اليد والبخل؛ قال فيه هذه الأبيات الظريفة:
صم إذا ما الضيف جاءك
وامنح الضيف عشاءك
واجعل الصوف غطاء الـ
ضيف والسقف غطاءك
لا تضن زادك في الشعى
وفي المريخ ماءك
يا صديقي قد فحصنا
ك فكان البخل داءك
خذ نقيع الجود واشربـ
ـه تجد فيه دواءك
أنت بالبخل مريض
نسأل الله شفاءك!
وفي مداعبة إخوانية أخرى، راح الشاعر يعزي صديقاً له سرقوا ساعته اليدوية منه، فقال في ذلك:
قالوا خلت يده من كل ما ملكت
فقلت: بل رأسه من عقله خال
يا ليت شعري ماذا أنت صانعه
أتزعم الصوم حتى شهرك التالي
أقسمت ما سرقت تلك النقود يد
لكنها أبقت من جيبك البالي
الذئب لا يشتهي لحم ابن جلدته
فكيف أوقع نشال بنشالي؟
وعندما كان دسوقي أباظة وزيراً في الحكومة، أقام حفلة رسمية دعا إليها ممن دعاهم شاعرنا محمود غنيم. وذهب هذا بملابسه العادية، فانتقده عليها الداعي ولامه على عدم استعارة زي الردنجوت الرسمي من أحد، كما فعل الآخرون. فأجابه الشاعر:
الردنجوت يا جناب الوزير
ليس يقوى عليه جيب الفقير
رمت أن أستعيره مثل«ناجي»
ثم أحجمت خوفاً منّ المعير
كم رأيت القصير فوق طويل
ورأيت الطويل فوق قصير
لست أرضى بثوب غيري وإن هم
نسجوه من سندس وحرير
ولعل القارئ يشم في هذه الأبيات شيئاً من الأدب الاجتماعي الذي طالما عبر عنه محمود غنيم في شعره ونثره، كما تجلى ذلك بصورة خاصة ومباشرة بهذه الأبيات:
شاهدت لؤلؤة كالبرق تأتلق
على جبين وزير سار مختالا
فقلت: ما أنت؟ قالت: إنني عرق
من جبهة الزارع المسكين قد سالا
الناس تنعم والفلاح يحترق
وليس يحرز لا جاهاً ولا مالا