((الواقع الجديد)) السبت 22 يوليو 2017 / صنعاء (متابعات)
الصراع على السلطة والنفوذ بين الحوثيين والمخلوع صالح بدأ يدخل مرحلة جديدة و«نفقاً مظلماً» في العلاقة بين طرفي تحالف الانقلاب، بعد أن شهدت المرحلة الماضية المزيد من الخلافات بين الجانبين، خاصة بعد التطورات المهمة التي تشهدها الساحة اليمنية، وأيضاً التطورات الإقليمية والدولية. فمن الواضح أن الحوثيين يسعون وبقوة إلى إزاحة صالح بعيداً عن كل ما يمكنه من الاحتفاظ بنفوذه داخل صنعاء والمناطق التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين، فقد قام الحوثيون بتنفيذ أكبر عملية تسريح في صفوف قوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع صالح، واستبدلت الآلاف من الضباط والجنود بعناصر تابعة لها. وفي هذه الأثناء، أفادت مصادر بأن القيادي الحوثي، صالح الصماد، رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، أقال أخيراً قائد القوات الخاصة في الحديدة الموالي للمخلوع صالح، وعين بدلاً منه أبو علي الكحلاني الموالي لعبد الملك الحوثي.
كما أقدمت مليشيات الحوثي على السطو ونهب مخازن الأسلحة من معسكرات تابعة لصالح وأقاربه وأعوانه. إضافة إلى ذلك تقوم ميليشيات الحوثي بإعداد كشوف بأسماء ضباط وأفراد وقيادات تابعة للحرس الجمهوري لإرسالهم قسراً إلى محافظة صعدة، معقل الحوثيين، لتلقي دورات ثقافية تتوافق وتوجهات الجماعة.
ويتم إجبار الجنود والضباط على أخذ تلك الدورات «غصباً عنهم»، بحسب ما تم إبلاغهم من قبل قيادات الألوية والوحدات التابعين لها، وأن كل الدورات التي يعقدونها هدفها إلقاء محاضرات تعبوية عن خطر الشعب اليمني، وتحريض ضد اليمنيين. وكان الحوثيون قد أكدوا هيمنتهم أوائل هذا الشهر على رئاسة ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للمرة الثانية على التوالي ولدورتين متتاليتين باختيار الصماد على حساب أنصار المخلوع صالح، وهو ما اعتبره المراقبون بمثابة انقلاب جديد للحوثيين على شريكهم في الانقلاب على الشرعية.وكانت الأشهر الماضية قد شهدت تطورات تضمنت تشديد الحوثيين حصارهم على المخلوع صالح وأعوانه، حيث بات تحت سيطرتهم الكاملة، ويرضخ لهم، على خلاف ما يحاول التظاهر به من امتلاكه كثيراً من وسائل القوة، بل لقد تحدثت بعض التقارير عن أن صالح بات يتوسل للحوثيين عبر الصماد ونائبه وأعضاء المجلس، لصرف مبالغ مالية للحزب، وهي المطالبات التي رفض الحوثيون النظر إليها أو الرد عليها.
ولقد تطورت الحال إلى أن أصبحت تحركات صالح نفسها الشخصية تتم بصعوبة كبيرة، لأن عناصر الحراسة التي تقوم بمرافقته ومتابعته تتبع لقيادات الحوثيين، بعد استبعاد الحراسات الخاصة به كافة، التي كانت تتبع الحرس الجمهوري. ولم يعد خافياً محاولة الاغتيال التي تعرض لها المخلوع منذ شهور قليلة على يد الحوثيين عندما قام المتمردون من أتباع الحوثي بحصار صالح في جبل نقم بصنعاء، في ليلة وصفها أتباعه «الليلة السوداء». وشهدت هذه الليلة اشتباكات بين حراسات صالح والحوثيين تسببت في سقوط عدد من القتلى وإصابات لعدد آخر. وبعد هذه المحاولة أصدر المخلوع توجيهاً مباشراً للقيادي بالمؤتمر يحيى الراعي للتواصل المباشر مع الإيرانيين، من أجل التدخل والضغط على الحوثيين من أجل التوقف عن هجماتهم المتتالية في الأماكن التي يوجد فيها، والتربص به.
ولم تتوقف الاعتداءات على صالح فقط بل كان هناك الاعتداء العلني على عدد من وزراء حزب المؤتمر الموالي له بالضرب على يد مشرفين حوثيين، في مقار أعمالهم، في صنعاء.
وقد بدا أن المخلوع صالح فقد الصبر على تجاوزات الحوثيين ومحاولتهم النيل منه شخصياً واغتياله، لذلك ظهر في اللقاء التلفزيوني الأخير، الذي أقر فيه بوجود خلافات عميقة، لكن ذلك لم يعن شيئاً، ويبدو أنه يريد الآن إنقاذ نفسه، خاصة بعد أن انفضت معظم القيادات المؤثرة التي كانت موالية له، من حوله، مثل ياسر اليماني، وعادل شجاع، كما أن هناك خلافات في الوقت الحالي مع مقربين منه، من بينهم سكرتيره الشخصي، أحمد الصوفي، ورئيس مجلس النواب المحلول، يحيى الراعي، وغيرهم، والسبب الرئيس هو شعور هذه القيادات البارزة بأن صالح لم يعد يملك من أمره شيئاً، وأن الحوثيين يسيطرون عليه، ويخطّطون للقضاء عليه بصورة تامة، خصوصاً بعد تزايد الأصوات داخل الحركة المتمردة بالانتقام لضحايا الحروب الست التي دارت بين المخلوع والحوثيين.
كما أن كثيراً من أتباع المخلوع، سواء من حزب المؤتمر أو المقربين إليه من قيادات عسكرية أو مدنية، يعانون من فرض الإقامة الجبرية والرقابة اللصيقة، لدرجة أن معظمهم لزموا منازلهم، وصاروا لا يخرجون منها إلا في إطار ضيق.ووفق هذه الممارسات يبدو أن «تحالف الشر» الحوثي مع صالح، والذي تسبب في الحرب والدمار والخراب الذي يعاني منه الشعب اليمني طوال الفترة الماضية، في طريقه للانهيار، خاصة أن الصراع على النفوذ والهيمنة بين الحوثي وصالح اتخذ بعداً من الصعب تعايش الطرفين معه، والضغوط التي تواجهها إيران حالياً إقليمياً ودولياً تهدد استمرار دورها الهدام في اليمن، وبالتالي سيكون على الحوثي وصالح العمل على الاستحواذ على أكبر قدر من المكاسب، وأن يكون لأي منهما دور على الساحة اليمنية قبل الانهيار التام سواء في ساحة المعارك أو إجبارهما على وقف أعمالهما العدوانية ضد اليمنيين، وإنهاء انقلابهما على الشرعية.