((الواقع الجديد)) الثلاثاء 13 ديسمبر 2016م/المكلا
تتصف بعض الأمراض الخطيرة بأنها لا تعلن عن نفسها (عن طريق شكاوى وأعراض مزعجة)، إلى أن يفوت الأوان، وتصبح عصيّة على العلاج.
في ما يلي بعض الأمراض الخطيرة الصامتة، ووصف لعلاماتها الغامضة التي قد تكون قد بدأت تنتابك، وكيفية الوقاية من الوقوع ضحية لمضاعفاتها:
1- انقطاع التنفس الليلي sleep apnea
هذه الظاهرة المرضية التي ينقطع فيها النفس عدة مرات في الليل، والتي ثبت ارتباطها، في أكثر من دراسة إحصائية، بارتفاع الضغط والسكتة الدماغية ومرض القلب، وداء السكري من النمط الثاني، ومرض الاكتئاب، لا تحدث هذه الظاهرة الخطيرة لمفرطي الوزن وقليلي الحركة من الرجال المسنين وحسب (كما كان يعتقد)، ففي دراسة سويدية نشرت عام 2012، تبين أن حوالي نصف النساء في السويد بين سني العشرين والسبعين عاما، يعانين من توقف التنفس لفترات مختلفة خلال نومهن، ما يجعلهن مؤهبات لكل هذه المضاعفات المرضية.
ومما يزيد من خطورة الانقطاع التنفسي الليلي في النساء، هو أن تشخيص المرض لديهن أصعب كثيرا منه لدى الرجال، ذلك لأنهن نادرا ما يعانين من أعراض المرض المعروفة، كالشخير، والشكوى من النعاس، وصعوبة أداء الواجبات في اليوم التالي، وإنما تشمل أعراضهن الغامضة الصداع الصباحي، والشعور ببعض الإعياء الذي يمكن أن يعزينه لأي سبب آخر، والأرق (الذي يحصل نتيجة توقف التنفس في الليل بدون إدراك منهن).
أما كيف تقي نفسك من مضاعفات انقطاع التنفس الليلي إذا لاحظت أيا من الأعراض التي ذكرناها، فذلك يتم باللجوء إلى طبيب مختص باضطرابات النوم، يقوم أولا بالتأكد من تشخيص الحالة في دراسة مخبرية، يسجل فيها نبضك ونمط تنفسك وتركيز الأوكسجين في دمك أثناء النوم، فإذا تأكد التشخيص، ينتخب الطبيب طريقة العلاج الأفضل لحالتك، والتي غالبا ما تشمل وضع قناع خاص على فمك وأنفك أثناء النوم، يوصل بجهاز يوفر الهواء المضغوط لرئتيك بشكل متواصلCPAP .
2- ارتفاع ضغط الدم
نشرت مجلة رابطة الأطباء الأميركية المعروفة JAMA دراسة قبل 3 سنوات أثبتت ما كان معروفا في السابق، وهو أن ما يقرب من نصف المصابين بارتفاع الضغطلا يعلمون أنهم مبتلون به، ما يفسر كيف يقع كثير من الناس ضحية النوبات القلبية والسكتات الدماغية والقصور الكلوي، فجأة ومن دون مقدمات، لأنهم أهملوا قياس ضغطهم لسنوات طويلة، تاركين لارتفاع الضغط حرية تخريب شرايينهم (بما فيها شرايين القلب والدماغ والكليتين) بصمت وبدون إحداث ضجة تذكر (أي من دون حصول أي أعراض)، ذلك لا غرو أن يلقب ارتفاع ضغط الدم بالقاتل الصامت.
وأبسط وسيلة لتفادي هذه المضاعفات الوخيمة هي قياس الضغط مرة في السنة على الأقل، حتى لو لم يكن لديك عوامل مؤهبة له، الأمر الذي يمكنك إجراؤه في البيت أو في الصيدلية كما في عيادة الطبيب.
فإذا تبين أن ضغطك الانقباضي يعلو عن 120 مِم زئبقي و/أو أن ضغطك الانبساطي يعلو عن 80 مم، فهذا يعني أنك بحاجة للمعالجة، ابتداء من تغيير أسلوبك الغذائي والحياتي، وصولا إلى أدوية الضغط المعروفة.
3- سرطان الرئة
يعتبر سرطان الرئة أكثر أنواع السرطان انتشارا اليوم في البلاد الغربية بين الرجال والنساء، وهو ليس مرتبطا دائما بالتدخين (فأكثر النساء اللاتي يصبن به لسن مدخنات)، والمشكلة هي أنه لا يكاد يكون له أعراض تذكر في مراحله الأولى، ولا تظهر أعراضه (السعال الجاف ونفث الدم) بشكل واضح، إلا عند تطور المرض، بحيث تصبح نسبة الشفاء من العمليات الاستئصالية ضئيلة، ونسبة الوفيات عالية.
وتشمل الوصايا التي تجنبك الوقوع فريسة المرض، الانقطاع عن التدخين إن كنت مدخنا، وإذا سبق لك التدخين لعدة سنوات وكنت فوق 55 عاما، يوصي الأطباء بإجراءفحص ومضان مقطعي للرئة CT lung scan مرة كل عام، إذا ثبت أن هذا الفحص يخفض من احتمال الوفاة بنسبة 20%.
أما إن كنت لم تدخن في حياتك، فلا حاجة لأن تقلق، إلا إن أصبت بسعال جاف لم يختف بعد أسبوعين، أو حدث لك أزيز (صفير صدري مع التنفس) فجأة، مع ضيق في النفس أو بحة في الصوت، فإذا كان هناك أدنى شك بإصابتك بالمرض، عليك بالتوجه لأخصائي أمراض أو جراحة الصدر فورا.
4- تناذر المبيض المتعدد الكيسات PCOS
تصيب هذه الحالة حوالي 10 % من النساء في أعمار الإنجاب، وتتميز بفرط إفراز الهرمونات المذكرة لدى المصابات، بحيث تضطرب عملية الإباضة لديهن، وقد غدا ثابتا ارتباط هذه الآفة بمرض القلب، وبداء السكري من النمط الثاني.
والمشكلة في هذه الحالة هي صعوبة التشخيص، بحيث يمكن للمرض أن “يعمل في الخفاء” لسنوات عدة، خاصة إذا كانت المرأة تتعاطى حبوب منع الحمل في العشرينيات أو الثلاثينيات من عمرها، وكثيرا ما تعطى هؤلاء النسوة عقاقير لتحريض الإباضة (مثل كلوميد Clomid)، ما يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالسكري (أو ما قبل السكري) قبل بلوغ عمر الأربعين، كما يجعلهن عرضة لارتفاع الضغط، وانقطاع التنفس الليلي، وارتفاع الكولسترول وعقابيله، وحتى الإصابة بسرطان الرحم.
ولكي تتفادى المرأة هذه الحلقة المعيبة من الأمراض والعلل، عليها أولا وضع احتمال الإصابة بهذا التناذر في ذهنها، ومن مؤشرات الإصابة اضطراب الطمث (حيث كثيرا ما تطول الدورة الحيضية أكثر من 35 يوما)، وتشكل حب الشباب (العُدّ)، وظهور الشعر على الوجهين وأنحاء الجسم، وتساقطه من فروة الرأس.
فإذا شكّت الأنثى بالإصابة، عليها استشارة طبيب النسائية، الذي سيسعى لتأكيد التشخيص بالفحص السريري، وفحص الهرمونات وسكر الدم، وإجراء صورة بفائق الصوت (إيكو) للمبيضين، للتحقق من وجود الأكياس.
فإذا وضع التشخيص باكرا، يمكن في معظم الحالات التحكم بالمرض بمزيج من تغيير أسلوب الحياة (خاصة الحمية المنخفضة السكريات والنشويات والتمارين الرياضية)، والعقاقير المضادة للسكري (مثل ميتفورمين metformin) والمضادة للهرمونات المذكرة (مثل الداكتون Aldactone).
5- داء السكري
من المعروف أن بإمكان سكر الدم أن يكون مرتفعا فوق المعدلات الطبيعية لعدة سنوات دون أن يسبب ذلك أية أعراض مهمة، وهكذا يقدر أن ما يقرب من ربع المصابين بالسكري في الولايات المتحدة لا يعرفون أنهم مرضى، وغالبا ما يعزون أعراض العطش وازدياد التبول (وحتى اضطراب الرؤية) التي تحصل من السكري للتعب والتوتر.
فإذا أهمل المريض مرضه فترات طويلة تسنى لفرط السكر في الدم أن يتسبب بكل مضاعفات داء السكري المعروفة، سواء على مستوى القلب والأوعية، أو الكليتين، أو شبكية العينين.
فإذا كنت معرضا لداء السكري (بسبب زيادة الوزن أو وجود قصة عائلية) فعليك بالتحري عن وجود المرض بواسطة فحص سكر الدم ابتداء من سن 45 وكل سنة إلى سنتين بعده، وتطبيق وصايا الطبيب إن ثبت أنك مصاب به.
ومن العلامات الدالة على إفراز الأنسولين المتزايد (إلى جانب ازدياد الوزن) ظهور بقع جلدية بنية اللون خلف الرقبة وفِي ثنايا الجلد تحت الإبطين وفِي المنطقتين الأربيتين (أعلى الفخذ).