“الواقع الجديد” الأثنين 15 أغسطس 2022م /متابعات
لم يهدأ الشارع والعراقي في التعبير عن سُخطه وغضبه مذ أن أخفق وزير الشباب والرياضة رئيس اتحاد كرة القدم عدنان درجال ومُحافظ البصرة أسعد العيداني ورئيس حكومة تصريف الاعمال في التحضير لبطولة كأس الخليج 25 التي باتت مهددة بالخروج من العراق بعد الازمة التي حصلت بين مجلس الوزراء ومحافظة البصرة وسوء التخطيط الإداري والتنظيمي.
ومن المقرر أن تستضيف محافظة البصرة بطولة خليجي 25، بعد تصويت الاتحاد الخليجي لكرة القدم في 30/6/2022 بالإجماع على استضافة العراق هذه البطولة المقرر إقامتها من 6 حتى 19 يناير 2023، حيث لم يستضفها العراق منذ عام 1979، وسعى إلى استضافتها في النسخ الأخيرة، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب الظروف الأمنية التي يشهدها.
في عام 2008 طرقت الحكومة المحلية في محافظة البصرة العراقية أبواب الاتحادات الكروية الخليجية للمرة الأولى طلباً لاستضافة بطولة كأس الخليج لكرة القدم، لكن الموافقة على الطلب كانت عصية لأسباب أمنية ورياضية.
ثم توالت المحاولات والطلبات من دون استجابة جدية إلى أن جاء عام 2022 وظفرت البصرة في 30 يونيو (حزيران) الماضي بموافقة قطعية على منحها حق استضافة البطولة بنسختها الخامسة والعشرين، المزمع انطلاقها مطلع العام المقبل 2023، لكن التحضيرات المتعلقة بالبطولة اصطدمت في بدايتها بخلاف مالي بين البصرة وبغداد.
*الازمة المالية
في وقت سابق قرر مجلس الوزراء تخصيص مبالغ من موازنة محافظة البصرة لتمويل مصاريف استضافة بطولة الخليج العربي لكرة القدم بنسختها الـ25 الامر الذي أثار حفيضة الأوساط الشعبية والرياضية والسياسية أيضا حيث انتقد النائب عن محافظة البصرة أحمد الربيعي، القرار حين قال، ان البطولة تعنى بكل العراق ولا تقتصر على محافظة البصرة فقط، ويجب ان تمول مركزيا.
ويقول أن “نواب البصرة يرفضون رفضا قاطعا تخصيص مبالغ البترودولار ومبالغ المنافذ الحدودية وتحويلها الى وزارة الشباب والرياضة لدعم خليجي 25″، لافتا الى ان “تلك الأموال من حق محافظة البصرة، لتمويل مشاريعها وأحياءها، كونها تعاني من أزمة مياه وكهرباء وتضرر البنى التحتية وغيرها”.
ومن جهته، قال محافظ البصرة أسعد العيداني في بيان، إن “الجميع يعلم أن قرار مجلس الوزراء بخصوص تمويل خليجي 25 مرهون بموافقة المحافظ، ونحن نعلن رفضنا لهذا القرار، وقد أبلغنا المعنيين”.
وكان نواب البصرة، قد وصفوا قرار تمويل كأس الخليج من أمول المحافظة بـ”السرقة” مؤكدين أنهم سيتصدون له بكل الطرق القانونية.
*الاستعدادات!
عبر مراقبون بالشأن الرياضي عن تخوفهم من الإجراءات الروتينية التي تعاني منها اللجان الحكومية طيلة السنوات الماضية.
ويقول الصحفي محمد حمدي، “لا أخشى على البطولة من توافر الأموال والعائدات الربحية في ارباك التنظيم أو فتح ملف جديد نحن في غنى عنه، ولكن كل الخشية تتمحور حول الروتين واللجان الحكومية التي تتعامل بمعادلة (كتابنا وكتابكم) لأمن افتتاح الملعب وحفل التنظيم الى توفير وقود المولّدات الخاصّة بالمجمّع الرياضي وهو أكبر عائق حقيقي يقف حجر عثرة في وجه انجاح البطولة وهو من أهم الملفات التي يجب التوقّف عندها كثيراً وحسمها.
ويضيف، “هناك أمر آخر يجب أن يعلمه الجميع، ولا يمكن تغافله اطلاقاً هو أن للبطولة عائدات مالية كبيرة ومناسبة للدعم اللوجستي للبطولة كان من الممكن الاعتماد عليه أو على العطاءات المقدّمة من الشركات الراعية والنقل التلفازي، لذلك كلّه أعتقد جازماً أن الحكومة ووزير الشباب والرياضة قد اخفقا في إعلان التخصيصات الخاصة بتنظيم البطولة ووضعا نفسيهما بموقف حرج قد يطيح بتنظيم البطولة داخلياً هذه المرّة إذا ما صحّح مسار الصرفيات التي تخصّ البطولة سيما وأننا بدأنا فعلاً بخسارة الوقت المتبقّي، ويجب أن تعمل خلية التنظيم والإعداد والمتابعة مبكّراً وتحسم الجدل بما لا يصحّ طرحه في هذا الوقت بالذات ونتج بطولة خليجي 25 متميّزة جماهيرية وليست بطولة عسيرة تولد بشقّ الأنفس!”.
وفي السياق نفسه، يقول الصحفي الرياضي عامر مؤيد ان “إقرار البطولة من قبل الاتحاد الخليجي، لا يعني انتظار موعد أول مباراة وبدء التنافس على اللقب، بل أنها تتطلب جهدًا كبيرًا مقدمًا من الجميع سواء من وزارة الشباب والرياضة، والحكومة الاتحادية والحكومة المحلية في البصرة، إضافة إلى اتحاد الكرة الذي ستقع عليه مسؤولية كبيرة.
*جاهزية المنشآت الرياضية
في غضون ذلك، بدأت أعمال تهيئة المدينة الرياضية في البصرة، التي كان الهدف الأساسي من بنائها استضافة بطولة كأس الخليج، حيث وضع حجر أساسها عام 2009، بتكلفة تزيد على نصف مليار دولار، وتم إنجازها جزئياً وافتتاحها عام 2013، لكن لم تظفر المحافظة باستضافة البطولة بدوراتها السابقة لأسباب أمنية، وأخرى تتعلق بهشاشة البنى التحتية، بما في ذلك ندرة الفنادق، وهي عقبة تم تجاوزها في
ضوء نمو الاستثمارات الفندقية في المحافظة بوتيرة متسارعة خلال الأعوام الثلاثة الماضية
وتتكون المدينة الرياضية من ملعب أولمبي بسعة 65 ألف متفرج، وملعب ثانوي بسعة 20 ألف متفرج، وأربعة ملاعب للتدريب، فضلاً عن مجموعة فنادق لإقامة الفرق والوفود الرياضية، وللمدينة 18 بوابة خارجية كل واحدة منها تحمل اسم محافظة عراقية معينة، كما تتوسط المدينة بحيرة صناعية على شكل خريطة العراق.
وفضلاً عن المدينة الرياضية يجري تنفيذ مشروع لإعادة بناء ملعب نادي الميناء الرياضي (أحد أعرق الأندية العراقية) بسعة 30 ألف متفرج، الذي تبلغ نسبة إنجازه نحو 90 في المئة، والملعب يعول عليه في إقامة بعض منافسات البطولة كملعب رديف للملعب الأولمبي في المدينة الرياضية.
وفي ضوء ذلك ثمة فسحة زمنية ضيقة وحرجة أمام الجهات الحكومية لإصلاح ما يمكن إصلاحه من الوضع الخدمي المتردي، مثل معالجة أزمة ملوحة وتلوث المياه، ومشكلة عدم استقرار التيار الكهربائي، والضعف المزمن في الخدمات البلدية والصحية، علاوةً على خلو المدينة من متطلبات تقليدية لأي بيئة حضرية معاصرة، مثل المتنزهات العامة، وأنظمة الإشارات الضوئية لتنظيم حركة السير ومرور السيارات.
غضب شعبي عارم
وفي ظل كل دار خلال القترة الماضية من مشاكل وأزمات مالية وأدرية وتنظيمية تخص خليجي 25 فلا يزال الغضب الشعبي والرياضي في الشارع العراقي قائماً نتيجة عدم وجود حلول واقعية وجذرية تطمئنهم من تخوفهم بعد زيارة وفد اللجنة التفقدية لاتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم إلى دولة الكوي اليوم، للاطلاع على استعدادات الاتحاد الكويتي لكرة القدم وجاهزيته لاستضافة بطولة خليجي 25 كدولة بديلة في حال تعذر إقامتها في العراق.