“الواقع الجديد” الأثنين 21 فبراير 2022م / خاص
برسوخ كبير، يمضي المجلس الانتقالي في دبلوماسيته الحيكمة التي وضعته طرفًا فاعلًا في مسار العملية السياسية، بما يخدم مسار القضية الجنوبية.
وجاءت المباحثات المهمة التي عقدها الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مع السفير ريتشارد أوبنهايم سفير المملكة المتحدة، لتؤكّد من جديد حجم حضور الجنوب على الساحة بفضل الجهود التي بذلها المجلس الانتقالي على مدار الفترات الماضية.
مباحثات الرئيس الزُبيدي التي تتناغم مع تطلعات الشعب الجنوبي تأتي في سياق عمل دبلوماسي تتجلّى أهميته في توقيته، إذ تعقب هذه المباحثات التي ينخرط فيها المجلس الانتقالي تصريحات لافتة للمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج، في إحاطة أمام مجلس الأمن، قال فيها إنّ هناك طريقة للخروج من الحرب، وأكد أنه يعمل الآن على تطوير إطار عمل سيحدد خطته للمضي قدما نحو تسوية سياسية شاملة.
آنذاك، صرّح جروندبرج بأنّ خطته تقوم على إنشاء عملية متعددة المسارات يمكن من خلالها معالجة مصالح الأطراف المتحاربة في سياق أجندة يمنية أوسع، على طول المسارات الثلاثة للقضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، واعتبرها “فرصة حقيقية للأطراف اليمنية من أجل تغيير المسار ورسم طريق سلمي للمضي قدما”.
تصريح المبعوث الأممي يحمل إشارة واضحة بأنّ كل الأطراف ستكون حاضرة على طاولة الحل السياسي، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لطالما تعرّض لمحاولات تهميش من قِبل الشرعية الإخوانية سعت إلى ضرب مفاصل القضية الجنوبية والاكتفاء على أقل تقدير بمنحها صبغة محلية غير إقليمية ولا دولية حتى لا تحذو على زخم كبير.
نجاحات المجلس الانتقالي مثلت عاملًا مرعبًا للشرعية الإخوانية التي لا يقتصر فشلها على الجانبين السياسي والعسكري، لكنّها فشلت كذلك في مساعي ضرب التلاحم الكبير الذي يحظى به المجلس الانتقالي والذي منح القضية الجنوبية قوة دفع غير مسبوقة.
قوة الدبلوماسية الجنوبية التي شكّلها المجلس الانتقالي الجنوبي اعترف بها المدعو سلطان البركاني في تسريباته الأخيرة، عندما أقرّ بأنّ المجلس الانتقالي يمثّل مشكلة للشرعية، في اعتراف واضح وصريح بأنّ النجاحات التي يحققها الجنوب تضرب أجندة الشرعية التآمرية والمعادية ضد الجنوب في مقتل.
مبعث مخاوف الشرعية الإخوانية يعود في الأساس إلى أنّ النجاحات التي يحققها المجلس الانتقالي يعود صداها الكبير على مسار القضية الجنوبية، في وقت توجه فيه الشرعية بوصلة الحرب ضد الجنوب في الأساس وليس ضد المليشيات الحوثية، وبالتالي فإنّ أي نجاح دبلوماسي يُحققه الجنوب فإنّ المؤامرة الإخوانية سرعان ما تتفاقم بشكل كبير.