“الواقع الجديد” السبت 5 فبراير 2022م / متابعات
خلف تداول صور وفيديوهات للطفل ريان وهو يقبع في قعر بئر ووجهه شاحب وتعلوه كدمات وبعض الدماء، تأثرا واسعا واكبه استنكار لنشر مثل هذه الصور.
وتلقفت منابر إعلامية صور الطفل في حالة سيئة، مسارعة إلى نشرها لتحقيق نسب كبيرة من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت الذي ندد فيه خبراء باستغلال صور الطفل، سارع المجلس المغربي للصحافة إلى مطالبة نساء ورجال الإعلام للالتزام بأخلاقيات الصحافة في تغطية عملية إنقاذ الطفل ريان.
ضرورة احترام المهنية
في تعليقها على الموضوع، قالت الدكتورة نادية لمهيدي، الخبيرة في الإعلام والاتصال، إن بث صور ريان في حالة مزرية تحت الركام لا يمت للعمل الرصين بصلة.
وأكدت المتحدثة في تصريح خصت به “سكاي نيوز عربية”، أن صورة ريان داخل الجب موجهة فقط لمهنيي الإنقاذ لخدمة الخطة التي وضعتها السلطات لإخراج ريان من البئر، وبالتالي فهي ليست موجهة إلى الرأي العام.”
وأكدت أستاذة الصحافة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أن نشر صورة ريان في تلك الحالة يضرب عرض الحائط أخلاقيات المهنة التي تنادي بإلزامية الحفاظ على الحق في الصورة.
ونبهت نادية لمهيدي إلى أن اقتراب عدد كبير من الصحفيين وتجمهرهم بطريقة عشوائية بمكان الحادث قد يعرقل عمل قوات الانقاذ ويقوض مساعيها لإنقاذ الطفل العالق.”
وأضافت: “الطفل ريان سيخرج سالما إن شاء الله، وسيكبر ولن يحب الصور التي نشرت عنه وهو في تلك الحالة. فالعالم الرقمي له ذاكرة لا تنمحي. فما الفائدة من نشر مثل هذه الصور المليئة بالدم؟! ولهذا فإنه على الاعلاميين أن يتطرقوا للمواضيع التي تهم الرأي العام، بدل استغلال الأوضاع لخلق الإثارة على حساب المهنية.”
وخلصت الأستاذة لمهيدي إلى أننا “ننتظر خروج الطفل ريان سالما، كما ننتظر من الصحافة أن تخرج ناجحة في امتحان المهنية العسير الذي تجتازه اليوم.”
السعي وراء الإثارة
أكد المجلس الوطني للصحافة في بيان اطلعت عليه “سكاي نيوز عربية”، أنه “بأسف شديد بعض الممارسات المشينة، التي صاحبت تغطية محاولات إنقاذ الطفل ريان، الذي سقط في بئر بإقليم شفشاون، مسجلا العديد من الخروقات المخالفة لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، والتي تم ارتكابها من طرف بعض الصحف الإلكترونية.”
ولفت المجلس الذي يُعنى بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، طبقا لمقتضيات الدستور، إلى تجاهل بعض المنابر “للمبادئ الإنسانية التي يتضمنها الميثاق المذكور، والتي من المفترض أن تلتزم بها المقاولات الصحافية والصحافيون المهنيون، خاصة في ظل أزمات وفواجع، لا يمكن أن تتحول، بأي حال من الأحوال، إلى مجال للربح المادي والإثارة الرخيصة لزيادة عدد المشاهدات وغيرها من أساليب المتاجرة في المآسي الإنسانية.”
توظيف قاصرين
كما أشار المجلس الوطني للصحافة إلى أنه من غير المقبول تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة إنسانية غير طبيعية، جراء التأثر بالحادث المتعلق بمصير حياة طفل قاصر، وكذا نشر صور قاصرين عبر أشرطة مصورة بمحيط عملية الإنقاذ، بغرض الإثارة المجانية، دونما الأخذ بعين الاعتبار لوضعيتهم النفسية أو سنهم.
ولاحظ المجلس أن بعض الصحف الإلكترونية قامت باستجواب أسرة الطفل، مصرحة، بشكل فاضح أن هذا التصوير سيرفع عدد المشاهدات، بالإضافة إلى توظيف الوضع النفسي للأسرة، بطرح أسئلة لا علاقة لها بقواعد الصحافة، في عمل تجاري بحت، مستغلة الارتباك والحزن الشديدين، والخوف لأفراد عائلة ريان وهم ينتظرون عملية نجاح إنقاذ ابنهم، وذلك في خرق سافر للمحور الثاني من ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة الخاص بالمسؤولية إزاء المجتمع ولاسيما البند الأول منه المتعلق باحترام الكرامة الإنسانية.
ودعا المجلس دعوة إلى مختلف وسائل الإعلام، من أجل الالتزام بأخلاقيات المهنة ومبادئها النبيلة وقواعدها، منبها أن تغطية الفواجع الإنسانية، تعتبر محكا رئيسيا لمدى احترام الصحافة لمسؤوليتها الاجتماعية وحرصها على ألا تحول الفواجع إلى وسيلة للربح والارتزاق.