“الواقع الجديد” الثلاثاء 23 نوفمبر 2021م/ متابعات
دخلت أزمة توفير المحروقات في مناطق سيطرة الشرعية اليمنية منعطفا أكثر حدة بعدما وافقت الحكومة على زيادة جديدة في الأسعار هي الرابعة منذ بداية العام الجاري.
ويرى متابعون أن الحكومة لم يعد بإمكانها فعل شيء في ظل الأزمة المالية الخانقة رغم المحاولات المتكررة لتعديل بوصلة الوضع ولذلك اختارت مكرهة نقل أعباء حل هذه المشكلة المزمنة إلى جيوب السكان المنهكين أصلا جراء ظروفهم المعيشية القاسية.
وقال مسؤول بشركة النفط الحكومية في عدن لرويترز، لم تكشف عن هويته، إن “الشركة رفعت مجددا أسعار وقود السيارات 22.5 في المئة”، وسط أزمة خانقة في المشتقات النفطية تشهدها المدينة.
وأوضح أنه بموجب القرار الذي بدأ سريانه اعتبارا من الاثنين، تمت زيادة سعر غالون البنزين سعة 20 لترا إلى 21.8 ألف ريال (نحو 15.3 دولار بسعر صرف السوق) من 12.5 دولار بزيادة بمقدار 2.5 دولار عما سبق.
وأكد المسؤول أن سبب الزيادة هو ارتفاع الأسعار التي يشتري بها التجار والموردون الوقود من الخارج، فضلا عن صعود أسعار النفط عالميا وكذلك ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 1530 ريالا للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وهذه المرة الثانية التي ترفع فيها شركة النفط الحكومية أسعار وقود السيارات خلال أقل من شهر والرابعة خلال ثلاثة أشهر آخرها في مطلع الشهر الجاري حيث رفعت أسعار الوقود بنحو 20.26 في المئة.
وبررت الشركة في بيان قرارها بتعديل الأسعار “بعدم تمكنها من تحمل المزيد من الخسائر في عملية البيع فضلا عن ضرورة مواكبتها لاستراتيجية تسعير مرنة ترتبط بأسعار الوقود عالميا وأسعار صرف العملة المحلية مقابل الدولار صعودا وهبوطا”.
ويقول ناصر علي ناصر، سائق سيارة أجرة، إنه كان يتحصل من العمل بسيارته على هامش ربح ضئيل يسد به رمق أسرته لكن مع الارتفاع الجديد لأسعار البنزين أصبح الوضع صعبا للغاية.
وأضاف بنبرة غضب “هل يريدون توصيل البلاد للمجاعة التي باتت تضرب كثيرا من العائلات المتعففة؟”.
واعتبر جمال وديع، وهو موظف حكومي، ارتفاع أسعار وقود السيارات كارثة بكل المقاييس لأصحاب الدخل المحدود، مشيرا إلى أن “المواطن أصبح يعاني الأمرين بين تردي الخدمات وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار العملة”.
وتشتري شركة النفط الحكومية منذ أربع سنوات الوقود بمختلف أنواعه من التجار والمستوردين، على أن تقوم بعد ذلك ببيعه للمحطات الخاصة في عدن ومحافظات أبين ولحج والضالع جنوب البلاد الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وأصدر الرئيس عبدربه منصور هادي في مارس 2018 قرارا بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.
وجاء القرار بعد إحجام حكومة هادي عن تغطية فواتير واردات الوقود بالعملة الصعبة، وتوقف شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن عن استيراد الوقود وتحويلهما إلى مجرد مخازن خاصة بالتجار والمستوردين.
ويأتي القرار الجديد في وقت تشهد عدن أزمة وقود خانقة منذ أيام بعد أن أغلقت محطات تزويد الوقود الحكومية أبوابها أمام زبائنها.
وتبيع المحطات الخاصة الوقود بسعر مرتفع إذ وصل سعر غالون الديزل سعة 20 لترا إلى 27 ألف ريال والبنزين إلى 22.5 ألف ريال.
ويخشى المراقبون من أن يشعل القرار الجديد شرارة موجة غضب فيما قد يزيد الأمور تعقيدا في بلد يعاني بالفعل من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار العملة وانعدام الخدمات وحرب أوصلت واحدة من أفقر الدول العربية إلى حافة المجاعة.