“الواقع الجديد” الأحد 29 اغسطس 2021 / خاص
لا يجد نظام قطر أي غضاضة في أن يتبنى الشيء ونقيضه في آن واحد، والأمر لا يبدو نوعا من العشوائية أو التساهل في اختيار المواقف، وإنما يرتكن إلى سياسات مقصودة ترتبط بطبيعة العمل السياسي والدبلوماسي اللذين تعتمدهما قطر تجاه مختلف قضايا المنطقة.
ولا يمكن اعتبار ذلك من قبيل الكيل بمكيالين، فمواقف النظام القطري تتعدد فيها المكاييل، ويصعب حصرها في مكيالين فقط، ويعتبرها ذلك النظام مواقف مبدئية يجني من ورائها مصالح خاصة، حتى لو تعارضت مع مقتضيات الأمن القومي العربي.
نقول هذا بمناسبة “ضبط” نظام قطر على غير عادته “متلبسا” بإدانة التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا في محيط مطار كابل، وأسقطا المئات من الضحايا بين قتيل وجريح.
فور الإعلان عن وقوع التفجيرين الإرهابيين كان نظام قطر سباقا إلى إعلان إدانته التفجيرين الإرهابيين بشدة، لا لأن هذا إيمانه، وعهده، واقتناعه، وإنما لأن التفجيرين كانا موجهين للإضرار بنظام طالبان الذي ترعرع في أحضان النظام القطري.
انتفض نظام قطر لإدراكه أن التفجيرين موجهين ضد طالبان التي احتضن النظام القطري كبار قياداتها، ومكتبها السياسي عدة سنوات، ويعد الداعم الأول لها.
سارع نظام قطر إلى التضامن مع حلفائه، وليس انطلاقا من موقف مبدئي ضد الإرهاب بدليل أن نظام قطر لم يبد أي انزعاج أو قلق مما أصاب الشيوخ والنساء والأطفال من فزع كبير عندما استغلت طالبان الانسحاب الأمريكي للوصول إلى العاصمة كابل.
وعلى مدى سنوات عديدة مضت لم يهتم النظام القطري ولو مرة واحدة بإدانة الإرهاب الحوثي الموجه إلى محافظات الجنوب، وكذلك الاعتداءات الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية بالطائرات المفخخة المسيرة والصواريخ البالستية التي تتصدى قوات التحالف العربي وتسقطها قبل بلوغ أهدافها.
إن الصمت القطري أمام الاعتداءات الحوثية المتكررة على الجنوب والمملكة يكشف الدعم القطري اللا محدود للتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها الحوثيون المدعومون من إيران، وتنظيم الإخوان الإرهابي وغيرهما.
لاشك في أن نظام قطر مطالب بإعادة النظر في مواقفه لمراعاة الأمن القومي العربي، لتكون إدانته الإرهاب شاملة وليست انتقائية، تبعا للمصالح الشخصية الضيقة.