“الواقع الجديد” الأربعاء 1 يونيو 2021 / متابعات
تُسبّب حالة الغضب الشعبي المتنامي في محافظة تعز من صعوبة الظروف المعيشية وتردّي الخدمات العامّة، حرجا استثنائيا للشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبدربّه منصور هادي، وتحديدا للشقّ الإخواني داخلها ممثّلا بحزب التجمّع اليمني للإصلاح المسيطر عمليا على المحافظة.
وعلى مدى الأيام الماضية تظاهر سكّان تعز للتنديد بتدهور الخدمات وانتشار الفساد. وشهدت التظاهرات رفع لافتات كتب عليها “لا ماء ولا كهرباء ولا صحة ولا تعليم”. كما وضع المتظاهرون النفايات أمام مقر السلطة المحلية احتجاجا على توقف خدمة تنظيف الشوارع والأحياء.
ونُقل عن أحد الداعين للتظاهر قوله “نعيش اليوم ثورة جياع بسبب ارتفاع الأسعار وعدم محاسبة الفاسدين”، مضيفا “سنستمر في التظاهر حتى يتم إحالة الفاسدين إلى نيابة الأموال العامة وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمات داخل تعز”، ومؤكّدا “سيصعّد الشباب من احتجاجاتهم وسيتم إغلاق مبنى السلطة المحلية، ما لم تتم الاستجابة لمطالب المتظاهرين”.
كما نقلت وكالة الأناضول عن أحد المتظاهرين القول “قمنا بوضع القمامة أمام مبنى السلطة المحلية كي يحسّوا بمعاناة المواطنين من تكدس القمامة في الأحياء”. ولفت إلى أنّ “هناك فسادا غير مسبوق”، مطالبا “الجهات المختصة بضبط هذا الفساد وتنظيف المدينة من النفايات ورفع المخلفات”.
ويقود السلطة المحلّية في تعز المحافظ نبيل شمسان المقرّب من إخوان اليمن والذي تمّ تعيينه في المنصب من قبل القيادي الكبير في حزب الإصلاح محسن الأحمر الذي يشغل منصب نائب للرئيس اليمني، وذلك في نطاق صراعات شرسة خاضها الحزب ضدّ خصومه ومنافسيه بهدف السيطرة على المحافظة الأكثر سكانا في البلاد وذات الموقع الاستراتيجي الهام قريبا من مضيق باب المندب.
وسبق للسلطات المحلية أن أكدت العمل على إصلاح الخدمات متهمة الحكومة التي هي جزء منها بالتقصير في الاهتمام بالمحافظة. ولا تقتصر حالة الغضب على تعز بل تشمل أيضا عدّةمحافظات أخرى واقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا وخارج نطاق سيطرة المتمرّدين الحوثيين، من بينها مدينة عدن.
وشهدت عدن خلال الأشهر الماضية تظاهرات منددة بسوء الخدمات وبتعقيدات الحياة اليومية التي تزايدت بسبب موجة غلاء الأسعار الناتجة عن تهاوي قيمة العملة اليمنية.
وألقت جهات مشاركة في حكومة رئيس الوزراء معين عبدالملك مسؤولية سوء الأوضاع في عدن على المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك بدوره في تلك الحكومة المشكّلة بموجب اتفّاق الرياض. لكنّ الأمر بدا مختلفا في تعز حيث لا منافس لحزب الإصلاح هناك يمكن إلقاء تبعات تردي الأوضاع والغضب الشعبي عليه.
وعاد الريال اليمني مؤخّرا إلى التدهور مكرّسا ارتفاعا في أسعار المواد الأساسية وصف بالجنوني، حيث بلغ بداية الأسبوع الجاري أدنى مستوى له منذ تشكيل الحكومة نهاية العام الماضي مسجلا 925 ريالا للدولار الواحد.
وقال هاشم محمد وهو صراف يعمل في العاصمة عدن إنّ الريال وصل إلى أدنى مستوى في تاريخه، متوقّعا استمرار تدهوره ما لم توضع حلول عاجلة لوقف التدهور. كما كشف عن امتناع العديد من الصرافين عن شراء الريال بسبب عدم توفّر العملة الأجنبية.
ولدى تشكيل الحكومة في الـ18 من ديسمبر الماضي كان سعر الدولار حوالي 850 ريالا واستمر في التحسن لفترة لم تدم طويلا، حتى عاد إلى التراجع بشكل تدريجي وسط غياب الإجراءات الحكومية للحفاظ على سعر العملة.
وبحسب الخبراء الاقتصاديين والماليين فإن تدهور سعر الريال لا يعود فقط إلى صعوبة الظرف الاقتصادي وتباطؤ الأنشطة بسبب الحرب وجائحة كورونا، ولكن أيضا بسبب سوء التسيير واستشراء الفساد.
وتُتّهم الشرعية اليمنية بإهدار المساعدات التي تلقتها من منظمات دولية و دول من داخل الإقليم وخارجه على غرار وديعة سعودية بقيمة ملياري دولار خصصتها المملكة لضمان استقرار العُملة اليمنية واستيراد عدد من المواد الأساسية، لكنّها أُهدرت بسبب الفساد بحسب تقرير سابق لمنظمة الأمم المتّحدة.
ووسط أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يشهد اليمن منذ نحو سبع سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية وبين الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء. ويعتمد 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة على الدعم والمساعدات في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.