“الواقع الجديد” الثلاثاء 1 يونيو 2021 /ميدل إيست اون لاين
من المفترض أن يغادر المبعوث الخاص لليمن البريطاني مارتن غريفيث (69 عاما) قريبا منصبه الذي يشغله منذ 2018. وقد تم تعيينه مساعدا للأمين
العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في وقت سابق من الشهر الحالي.
ومع مغادرته منصبه، يكون غريفيث قد أنهى مهمته دون أن يحقق أيا من الأهداف المعلنة على غرار سابقيه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمغربي جمال بنعمر الذين أنهيا مهامها أيضا بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها، ما يسلط الضوء على وضع شديد التعقيد في اليمن.
وحقق الوسيط الأممي بعض التقدم خلال توليه منصبه، لكن سرعان ما يعيد الحوثيون جهوده وانجازاته للمربع الأول، بالمناورة والمماطلة وفي كل مرة يبدو مقتنعا بأنه يمكن جلب المتمردين مجددا إلى طاولة المفاوضات والدفع لإنهاء الأزمة.
ودعا غريفيث اليوم الاثنين أطراف النزاع اليمني خلال زيارة لصنعاء الاثنين، إلى الاستفادة من الزخم الدبلوماسي الإقليمي والدولي لإنهاء الحرب المدمرة في البلد الفقير.
ويتقلب الرجل منذ توليه منصبه بين مواقف مفعمة بالتفاؤل وأخرى مغرقة في التشاؤم وهو أمر يبدو مفهوما نسبيا بالنظر للإشارات التي يطلقها المتمردون الحوثيون والتي تراوح مكانها بين رغبة في السلام ورغبة جامحة في التصعيد لانتزاع مكاسب سياسية وعلى أمل حسم معركة مأرب لصالحهم وهي معركة مصيرية ستحدد مسار الحرب والسلام في اليمن.
وبدت تصريحات الوسيط الأممي في صنعاء بعد لقاءات مع مسؤولين في صفوف المتمردين الحوثيين، إيجابية بالمقارنة مع إعلانه في بداية الشهر الحالي عدم توصل المحادثات إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار.
لكن المؤكد بحسب التطورات الميدانية وبحسب قراءة في تصريحات وممارسات الحوثيين، أنهم يناورون فقط لكسب الوقت وللإيحاء بأنهم يريدون تسوية سلمية للأزمة، فلا هم عادوا لمحادثات السلام المجمدة ولا هم عازمون على مقاطعها.
ويجري غريفيث وموفد الولايات المتحدة لليمن تيموثي ليندركينغ جولات مكوكية في المنطقة لدفع جهود السلام إلى الأمام في البلد الغارق في الحرب منذ 2014 والذي يقف ملايين من سكانه على حافة المجاعة.
وقال مبعوث الأمم المتحدة قبيل مغادرته صنعاء “لقد اقترحنا عدة طرق لردم الهوة بين الطرفين وهناك قدر غير عادي من الإجماع الدبلوماسي” لدعم هذه المقترحات.
وأضاف متحدثا للصحافيين في العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين “هناك طاقة دبلوماسية حقيقية لم تكن موجودة من قبل”.
ويشهد النزاع في اليمن الذي اندلع عام 2014، مواجهة دامية بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وخلّف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 بالمئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح ملايين الأشخاص وتركَ بلدا بأسره على شفا المجاعة.
وبينما تدفع الأمم المتحدة وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إنهاء الحرب، يطالب المتمردون بفتح مطار صنعاء المغلق منذ 2016 من قبل السعودية قبل الموافقة على وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأوضح غريفيث أنّ “كل مقترحاتنا تضمّنت إعادة فتح هذا المطار الذي نتحدث فيه اليوم”، مشيرا إلى أنّه اجتمع بزعيم المتمردين عبدالملك الحوثي وحصل منه على “أفكار” سينقلها للطرف الآخر.
كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد دعا الحوثيين إلى العودة للمفاوضات والعمل على إنهاء سنوات من الحرب، مبديا ليونة كبيرة بما يخدم جهود السلام على خلاف التصعيد الذي يبديه المتمردون اليمنيون.
وكان المبعوث الأميركي لليمن قد أعلن صراحة أن من يعرقل جهود السلام هم الحوثيون، مشيرا في إفادة سابقة أيضا إلى أن الدعم الإيراني لجماعة أنصار الله (الحوثية) فتاك جدّا.