“الواقع الجديد” السبت 22 اغسطس 2020 / خاص
شهدت محافظة تعز بجنوب غرب اليمن تصعيدا مفاجئا، حيث نشبت اشتباكات بالأسلحة المتوسّطة والخفيفة بين قوات تابعة لحزب الإصلاح الذراع المحلّية لجماعة الإخوان المسلمين، وقوات مناهضة لها ترفض سيطرة الجماعة على المحافظة الاستراتيجية المشرفة على مضيق باب المندب.
ويقاتل حزب الإصلاح في تعز تحت لواء “الجيش الوطني” بعد أن تمكنّ من اختراق وحداته المتمركزة في المحافظة وعيّن ضباطا منتمين إليه قادة لتلك الوحدات.
وأعلنت قوات الإصلاح الجمعة إطلاق ما سمّته “حملة أمنية لملاحقة متمردين بمحافظة تعز”. وذكر بيان أصدره الحزب باسم الجيش أنّ “متمردين على الشرعية قاموا بقطع طريق تعز – التربة، بمنطقة البيرين جنوبي المحافظة، وأعاقوا حركة السير”. وأضاف البيان أن “اللجنة الأمنية بالمحافظة وجهت بتحريك حملة أمنية لفتح وتأمين الخطوط وبسط نفوذ الدولة”، مؤكّدا أنّ “الحملة ستتواصل حتى تأمين جميع الخطوط والقبض على العصابات المتمردة على قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي، وبسط الأمن في عموم المحافظة”.
وفي يوليو الماضي عين الرئيس هادي، العميد عبدالرحمن الشمساني قائد اللواء 17 مشاة قائدا للواء 35 مدرع الذي توجه أصابع الاتهام لجماعة الإخوان باغتيال قائده السابق عدنان الحمادي المناهض للإخوان.
واعتبرت مصادر أن هذا القرار سيمكن تيار قطر – تركيا من إحكام السيطرة على ريف تعز الجنوبي والانتشار نحو جنوب اليمن وباب المندب وميناء المخا.
ومنذ صدور القرار يقود عسكريون عمليات مقاومة للنفوذ الإخواني ويرفضون تسليم مواقع عسكرية للقائد الجديد. وأكد مصدر عسكري رفيع في تعز سيطرة الحملة العسكرية لحزب الإصلاح عصر الجمعة على نقاط ومواقع عسكرية في مدينة النشمة جنوبي تعز.
وتعتبر تعز بموقعها الاستراتيجي وثقلها البشري نقطة صراع ساخنة، حيث يصرّ الإخوان المسلمون على السيطرة عليها معتبرين أنّها تمثّل أهم خزّان بشري لهم في اليمن.
وتلتقي تلك الرغبة الإخوانية مع أهداف كلّ من تركيا وقطر الباحثتين عن منفذ إلى اليمن وموطئ قدم فيه.
وعلى هذه الخلفية شهدت المحافظة التي لا تزال أجزاء منها تحت سيطرة المتمرّدين الحوثيين خلال السنوات الماضية حلقات من الصراع الدامي.
وخاضت قوات حزب الإصلاح في أوقات سابقة صراعا شرسا ضد كتائب أبي العبّاس التي مثلت لفترة ما العقبة الأكبر في طريق سيطرتها على تعز، لكنّ تلك القوات استهدفت أيضا خصوما آخرين.
وقال مصدر سياسي يمني، طالبا عدم ذكر اسمه كونه مقيما في تعز، إنّ تحرّك الإخوان للسيطرة على المحافظة جاء مستندا إلى ثلاثة عوامل، أولها دعم مالي قطري قرّرت الدوحة مضاعفته لتسريع خطوات السيطرة على المحافظة، وثانيها الاتفاق مع الحوثيين الذين يحاصرون تعز من جهة الشمال على عدم تعرّض أي طرف للطرف المقابل، وعلى التعاون والتنسيق ميدانيا كلّما كان ذلك متاحا.
وأكّد ذات المصدر أنّ قطر غير بعيدة عن حالة التوافق المتزايدة بين الإخوان والحوثيين في اليمن، وذلك في إطار مساعيها لعرقلة جهود التحالف العربي هناك وتعقيد مهمّته.
وبيّن المصدر ذاته أنّ ثالث العوامل التي تساعد حزب الإصلاح على المزيد من الجرأة في محاولته السيطرة على تعز هو وجود غطاء سياسي سميك له داخل السلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه محسن الأحمر.