“الواقع الجديد” الاثنين 23 ديسمبر 2019م /خاص
ربطت مصادر سياسية يمنية بين تصاعد التصريحات المعادية لاتفاق الرياض والتحالف العربي، وبين التحركات التي يقوم التحالف من خلالها للدفع باتجاه تنفيذ الاتفاق إلى الأمام.
ووصفت المصادر التصريحات الجديدة التي أطلقها عدد من المسؤولين اليمنيين والتي هاجموا من خلالها دول التحالف على خلفية اتفاق الرياض، بأنّها محاولة لعرقلة تنفيذ الاتفاق في ضوء المعلومات المتوافرة عن حراك نشط تقوده السعودية بصفتها راعية الاتفاق للضغط على الأطراف المعرقلة. وواصل وزير النقل في الحكومة اليمنية صالح الجبواني في حوار مع قناة الجزيرة القطرية توجيه الاتهامات للتحالف العربي بالانحياز للمجلس الانتقالي الجنوبي والتلويح بخيارات أخرى من بينها “القوة” لحسم الخلاف مع المجلس، ورفض مضامين اتفاق الرياض. وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” عودة وزير الداخلية في الحكومة اليمنية أحمد الميسري إلى محافظة المهرة قادما من سلطنة عمان التي انتقل إليها مؤخرا في إطار عملية نزوح ممنهجة لعدد من قيادات الشرعية الموالية لقطر وسلطنة عمان إلى مسقط وتركيا والشروع في تكوين تكتلات سياسية جديدة مناهضة للتحالف العربي ورافضة لاتفاق الرياض. وحرّكت الدوحة أوراقها داخل الحكومة الشرعية في أعقاب إنهاء مشاركتها في التحالف العربي، وتصاعد الدور السلبي الذي تلعبه قيادات موالية لقطر وجماعة الإخوان في الشرعية بشكل لافت بعد مواجهات عدن في أغسطس الماضي، والتي وفّرت الذريعة لعدد من المسؤولين للكشف عن مواقفهم المعادية للتحالف. وعاود وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي تلميحاته الناقدة لاتفاق الرياض من خلال استحضار تفسيرات ملتبسة تسعى للتشكيك في نوايا التحالف العربي بقادة السعودية التي رعت التوقيع على الاتفاق بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في الخامس من نوفمبر الماضي. وقال الحضرمي، الأحد، إن “اتفاق الرياض لم يأت لتغذية مشاريع تشطيرية”، مضيفا في تصريح نشره حساب وزارة الخارجية اليمنية على تويتر أن “اتفاق الرياض لم يأت لتغيير شكل الدولة، بل للحفاظ عليها وعلى أمنها واستقرارها وسلامة ووحدة أراضيها”. وتأتي تصريحات وزير الخارجية اليمني في الوقت الذي يبذل فيه التحالف العربي جهودا ملموسة لإنجاح الاتفاق الذي حظي بمباركة دولية وأممية لافتة، باعتباره الشق الثاني من الإطار العام للتسوية في اليمن إلى جانب اتفاق ستوكهولم الذي يواجه تعثرا ملحوظا في ظل التصعيد العسكري في جبهات الساحل الغربي. ويصر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث على عدم الاعتراف بفشله وفريق المراقبين الأمميين في الحديدة في تنفيذ أي من استحقاقات اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية والحوثيين بالرغم من مرور عام على توقيعه، من دون إحراز أي تقدم في أي من ملفاته الرئيسية مثل تبادل الأسرى وتطبيع الوضع الاقتصادي ووقف إطلاق النار والتهدئة في تعز. ويخشى مراقبون من تكرار سيناريو اتفاق ستوكهولم في اتفاق الرياض الذي كان يفترض بموجب برنامجه الزمني منذ التوقيع عليه أن يتم انسحاب القوات من محافظتي أبين وشبوة وتعيين محافظين ومدراء أمن لعدن ولحج والضالع، إضافة إلى تشكيل قوات أمنية في المحافظات الجنوبية، والإعلان عن حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب من 24 وزيرا. وفي الوقت الذي تراهن فيه بعض الأطراف اليمنية على تكرار نموذج اتفاق السويد وإفراغ الاتفاق من محتواه واللعب على عامل الوقت وفرض أمر واقع على الأرض، تشير العديد من المصادر السياسية إلى اتباع المجتمع الدولي والإقليمي سياسة مغايرة تقوم على تجزئة الاتفاقات والتدرج في تنفيذها عبر آليات مختلفة لتعزيز الثقة بين كافة الأطراف قبيل الدفع باتجاه تسوية سياسية شاملة. واعتبر مراقبون أن اندفاع الإخوان نحو إحكام السيطرة على محافظة تعز وتغيير تركيبة القوة الجنوبية في محافظات مثل شبوة وأبين ووادي حضرموت لصالحهم، يندرج في محاولة استباق أي تسويات يتبناها المجتمع الدولي في الفترة المقبلة كحصيلة لحوارات غير معلنة تشارك فيها القوى الإقليمية الفاعلة وتستضيفها العاصمة العمانية مسقط والعاصمة الأردنية عمّان. وفي ذات السياق يفسر مراقبون حالة التصعيد السياسي والعسكري الحوثية، من خلال استماتة الميليشيات الحوثية في تغيير معادلة القوة في الحديدة عبر هجمات متواصلة على مواقع تمركز قوات المقاومة المشتركة، والتصعيد الحوثي دبلوماسيا عبر إرسال سفير إلى طهران، ومحاولة فتح قنوات تواصل مع المجتمع الدولي بهدف كسر حالة العزلة التي تعيشها الجماعة الحوثية منذ اندلاع الحرب في مارس من العام 2015، بأنها مساعي اللحظات الأخيرة لإحراز مكاسب ما قبل نهاية الحرب