الجمعة , 19 أبريل 2024
fb_img_1475289523860

حديث الذكريات مع عمر علي عمر مبارك بن كردوس ” الحلقة الثالثة “

((الواقع الجديد)) الاربعاء 19 اكتوبر 2016 / المكلا
حاوره : أ. علي سالمين العوبثاني

” الحلقة الثالثة “

 

في الحلقة الثانية تطرقنا إلى تكاتف الجهود في سبيل إرساء نظام يحترمه الجميع ، وخلق تعايش بين الناس من سلم أهلي ووئام ومودة ، وكان الكل ينضوي تحت أحكامه ، ومن خرج عن هذا النظام أياً كان ، يتحمل تبعات ما قام به من خرق له ، ويُنفى إذا ما حاول الرفض القاطع للقرارات الصادرة بحقه ، وهذا ما يجعل أحدهم ينظر بحساب دقيق على ما سيترتب عليه قراره الرافض هذا .

وحول سؤالنا له عن المساعي التي من خلالها يتم إيجاد حلول ومخارج للإشكالات والقضايا التي كانت سائدة آنذاك ولا زال البعض يلجأ إليها الآن .. قال :
(ج) هناك العديد من العوائد والسوارح والمساعي يتم إتباعها لحل الإشكالات والقضايا.. منها :

المحط : ويقوم به الشخص الذي حصل منه خطأ على آخر ، ويعتبر هذا اعترافا منه بخطئه ..والمحط يكون بحسب الخطيئة .. منها :

إذا كان الخطأ هي زلة لسان أو شئ بسيط ، يحضر المخطئ إلى مجلس الشخص الذي وقع الخطأ بحقه ، ويحمل معه ( قهوة بُن ) ويقول له باللهجة العامية ( بأنني جئت إلى مطرحك ومحط عليك ومعترف بما صدر مني من خطأ في حقك ) ، فيعفو عنه .. وإذا كان الخطأ أكبر قليلا مثل : التقول أوالشتم أو إصابته بجروح نتيجة ضربه بأي شئ ، أو ماشابه ذلك ، يذهب الذي حدث منه هذا الفعل ومعه آخرين من عقال ووجهاء ويجلب معه ذبيحة (رأس غنم ) إلى مجلس المُعتدى عليه ويعترف أمام هؤلاء بما حدث منه ويطلب الصفح وينتهي الأمر ، أما إذا كان الضرر أكبر من ذلك فأنه يأتي برفقة الوجاهات ومعه عقيره ( جمل أو ناقه ) .. وبهذا تتم المسامحه وتصفية الخواطر .

وفي الآونة الأخيرة أختفى هذا العرف الذي سار عليه الأجداد ، وحل محله عرف يسمى ( التحكيم ) سنأتي على ذكره لاحقاً .

المَصلَح : ويسمى بسيد الأحكام لكونه يتم بتراضي طرفي النزاع ويقوم به أحد المصلحين .
حكم العادة : هذا الحكم يعد حكم أولي يصدره حاكم بين طرفي قضية على ضوء ( دعوى – جواب – حجج) من الأطراف ، يحق للمتضرر ( تزويفه ) أي استئنافه عند حاكم ثاني .

حكم التكفاه : هذا الحكم في العرف والعوائد .. يعتبر ملزم لطرفي القضية يصدره الحاكم على ضوء ( دعوى – جواب – حجج ) وذلك من خلال عدائلهم وتوقيعهم على الحكم قبل النطق به ( قراءته ) ، ولا يحق لأحدهما المرافعة والاستئناف العرفي ..قديما .

ولكن اليوم يحق للمتضرر استئنافه في محاكم الاستئناف الرسمية.. بحسب القوانين النافذة
.
حكم التحكيم : وهو حكم مطلق يصدره المُحَكم (الحاكم ) تجاه الشخص الذي قام بتحكيمه ونصبه حاكما على نفسه نتيجة خطأ حصل منه وللمُحَكم( الحاكم ) الحق في كل ما يصدره من حكم تجاهه ، وذلك من خلال وضع العدائل والتوقيع على تفويض خطي – الوثر أوساس التحكيم – يلزم نفسه بالقبول به وبكل ما يصدر بحقه ويوقع على الحكم قبل قراءته .
مع التوضيح بأن الحكم ملزم عرفياً ..ولكن بإمكان من يصدر بحقه الحكم استئنافه أمام محاكم الإستئناف إذا لم يرتضي به .

عزيزي أبو علي .. ربما استوقفتك قليلا للاستفسار حول ما يتم اليوم من إستئناف لحكمي التكفاه والتحكيم أمام محكمة الاستئناف الرسمية ..هل لك من وجهة نظر شخصية في ذلك ؟

(ج) حكم التكفاه قبل كل شئ يعتبر أمانة في عنق الحاكم لكون طرفي النزاع يسلمان أمرهما له ، وفي أعتقادي لن يرضى أي حاكم يخاف الله أن يقوم بظلم أحد الأطراف على حساب الآخر وهو يعلم الحقيقة ، ثم أنه أيضا سيخشى من تعرض سمعته للإنتقاد ، وكذلك قد يسقط حكمه أمام محاكم الاستئناف .

ولكن قد يحصل عدم استيعاب أو فهم أو تفسير من قبل الحاكم لبعض حجج أحد الأطراف ، هنا تتخلل حكمه بعض الثغرات التي يعتبرها الطرف المتضرر من الحكم انحياز من الحاكم لخصمه في القضية .

في هذه الحالة أرى من وجهة نظري بأن للطرف المستأنف للحكم الحق في ما يقوم به .. ولكن نجد في بعض الأحيان إن الطرف الذي يصدر الحكم ضده بإعادة حقوق الآخر ، يلجأ للمحاكم مع معرفته بصواب الحكم وذلك لمكابرته واستمراره في ظلم الآخرين .

أما حكم التحكيم ربما يحصل فيه جور على الطرف المُحكِم الذي يسلم أمره للحاكم كما هو معروف .. والجور يحدث نتيجة مبالغة الحاكم في الحكم وعدم تقديراته لواقع ونوع القضية .. لذلك من حق المحكوم عليه الذي وقع عليه الجور اللجؤ لمحاكم الاستئناف لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي .

(س ) عرفنا من خلال ما أجبتم عليه بعاليه عن المساعي والأحكام في القضايا المذكورة أعلاه ، ولكن ماذا عن حكم العادة الذي يتم فيه التزويف أي( الاستئناف ) ؟

(ج) سبق وأن ذكرنا في الحلقة الثانية الخطوات التي بموجبها يصدر حكم العادة ، وأشرنا فيها من خلال ما فهمناه ، أن هذا الحكم غير ملزم (أولي ) أما الطرف الذي يطلب استئناف الحكم عرفيا .. يعدل بعدالة أخرى غير الأولى تسمى في العرف بـعدالة ( التزويف ) والمصطلحات في هذا المجال كثيرة..

وعلى أثرها يُنصب حاكم بين الطرف المستأنف والحاكم الذي اصدر الحكم الأولي ..ولكل قبيلة ومنطقة مرجعيات متخصصة للنقد في الأحكام ، ينظر الحاكم الثاني في إدعاء الطرف المستأنف ويطلع على حيثيات القضية من الوثر ( الساس) والدعوى والجواب والحجج وأيضا الحُكم ..وفي حال تبين للحَاكم صحة الحكم الأولي من الحاكم السابق يتم تأييده ويلزم المستأنف بالتنفيذ ..

وفي عوائد معظم القبائل يغرم من أستأنف الحكم ولم يؤيد من الحاكم الأخير ، إزاء اتهامه للحاكم السابق والتشكيك في نزاهته وحياديته ، قد تصل الغرامات إلى حد الدية في بعض القضايا .. ويعتبر ذلك بمثابة إعادة اعتبار للحاكم السابق الذي كان حكمه صائبا .
أما إذا ثبت لدى الحاكم الثاني وجود ثغرات وأخطاء في الحكم الأولي،يصدر حكمه والذي بمقتضاه يأمر الحاكم السابق بإعادة النظر في حكمه وتصحيحه.

نلتقي أعزائي القراء الكرام في الحلقة الرابعة بمشيئة الله تعالى ،وحتى ذلك الحين تمنياتي لكم بالسعادة الدائمة .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.