الخميس , 28 مارس 2024
jebrilelobidi

أعداء الحياة وتفجيرات بنغازي

((الواقع الجديد)) الاحد 11 فبراير 2018

د. جبريل العبيدي

من بيعة الرضوان إلى مسجد سعد بن عبادة، تفجيرات إرهابية تطال بيوت الله الآمنة في بنغازي، الأول كان عقب صلاة العشاء، إذ حصد هذا العدوان الغادر عشرات الضحايا والمئات من الجرحى، والثاني كان أشد منه وطأة لحدوثه داخل المسجد أثناء الخطبة، في تحد سافر من هذه الجماعات الإرهابية والذئاب المنفردة والخلايا النائمة لحرمة بيوت الله، الذي أمر أن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ جلّ وعلا، لا أن يتقاتل فيها وتسفك الدماء داخلها. إن هذه الجماعات الشيطانية مشبعة حتى العظم بفتاوى تحريض مستمرة ومتواصلة على القتل والغدر من المفتي المعزول صادق الغرياني، الذي لا يزال يحرض على القتال في بنغازي بالقول «إن معركة الإسلام هي في بنغازي»، بل تطاول بوصف أهل بنغازي «بكفار» قريش لطردهم العصابات الإرهابية، ووصف العصابات الفارة والهاربة من بنغازي بالمهاجرين، ومطالبته ومجاهرته بدعم الإرهابيين الفارين من بنغازي إلى طرابلس ومصراتة، بل ووصفهم بالمهاجرين ومن يدعمهم ويمد لهم العون بالأنصار.
كما أن القيادي في تنظيم الإخوان ونيس المبروك قال في حديث متلفز موثق، عقب تحرير الجيش الوطني لآخر جيب من الجماعات الإرهابية في بنغازي: «المعركة انتهت والأيام بيننا وبينهم، وأنا أعلم الآلالف ممن بايعوا على الموت، وسيكونون قنابل موقوتة في وقت السلم»، في رسالة واضحة مفادها أنهم إن خسروا المعركة العسكرية، فخلاياهم النائمة سيتم إيقاظها مع الذئاب المنفردة، لأن هؤلاء لا يسعون إلى تحقيق التعايش الآمن، والعيش كشركاء في الوطن.
مجاهرة لقيادات الإخوان والمقاتلة (فرع «القاعدة» الليبي) بالإرهاب، دون أن يطالهم أي نوع من الملاحقة القضائية، بل نجدهم محميين بجوازات سفر دول كبرى، وهم يحرضون على القتل ويجاهرون به دون أي طائل دولي أو ملاحقة دولية رغم أن تحريضهم موثق بصوتهم وصورهم عبر فضائيات تحرض على الإرهاب، بعضها يبث من دول موقعة على اتفاقية الإنتربول وعلى المحكمة الجنائية الدولية.
قيادات الإخوان والمقاتلة وباقي جماعات الإسلام السياسي، تنهل من منهج كبيرهم سيد قطب وتفسيراته الضالة، وما جهر به في كتابه «معالم في الطريق»، فسيد قطب في تفسيره يوجه رسائل تحريضية واضحة عن تكفير المجتمع، وضرب حتى المساجد، حيث لا مكان محصناً ولا مأمّناً من ضرباتهم الغادرة إلا بالقضاء عليهم، لأن فكرهم متجذر ومتجدد، ولا يرجعون عنه إلا بالتقية أي التضليل والنفاق والتدليس البواح. 
الإرهاب والمتفجرات ليست فقط تلك الشحنة القطرية التي تم ضبطها في رابعة النهار، والتي ضبطتها السلطات اليونانية في طريقها من تركيا إلى مصراتة الليبية، تحملها السفينة اندروميدا، بل في زمن المؤتمر الوطني (أول برلمان منتخب) 2012، حيث اشترت سلطات أمنية في حكومة المؤتمر الوطني السابقة 1000 حقيبة متفجرة، في سابقة دولية أن تستورد وزارة دفاع دولة حقائب متفجرة، ومسدسات وبنادق كاتمة للصوت، وهي تجهيزات تستخدمها المافيا والعصابات وليس وزارة دفاع دولة.
فالوطن لا يمكن له إلا أن يكون وعاءً آمناً للجميع، ويحقق الأمان، فإن تحول إلى أرض الخوف والرعب والاغتيال والقتل والنهب، يصبح مفرغاً من معناه الحقيقي.
فبنغازي ستكون بلد الحرية الثائرة على مر العصور، من يسعى فيها بزرع الخوف وصناعة الموت والرعب والفزع يعد مفسداً في الأرض، فالأمن هو منة الله على عباده «وأمنهم من خوف» فجعل أمن الناس مسبقاً عن غيره من الأمور، فلا تقوم الحياة بغير أمن. لكن بنغازي وكل ليبيا، بل وكل ربوع البلدان العربية ستنتصر على هؤلاء الدمويين أعداء الحياة والإنسانية، الذين يذبحون الناس ويقتلونهم من أجل أضغاث أحلام ظلت كوابيس تلاحقهم أينما حلوا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.